وزير الأوقاف: الإسلام عُنى عناية خاصة بالعلاقات الإنسانية وعمل على تعزيزها
الجمعة 22/يوليه/2022 - 08:33 م
أيمن مكي
طباعة
أكد وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، أن الإسلام عنى عناية خاصة بالعلاقات الإنسانية وعمل على تعزيزها على أسس من التراحم والتكافل والتسامح والتعاون والإحسان إلى الجار فى كف الأذى عنه وتحمل الأذى منه والصبر عليه، موضحا أن حق الجار عام لكل جار وليس خاصا بالجار المسلم ، وأن حق الجوار الدولى لا يقل حرمة وأهمية عن حق الجوار الشخصى والدول العظيمة هى التى تحفظ حق جيرانها فلا يؤذى أو يؤتى جيرانها من قبلها.
وأضاف وزير الأوقاف فى خطبة وصلاة الجمعة التى أداها بمسجد "البحر" الذى قام ومحافظ دمياط الدكتورة منال عوض، بافتتاحه اليوم ـ بعنوان: "الجار مفهومه وحقوقه"، بحضور عادل الغضبان محافظ بورسعيد، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتور إسلام إبراهيم نائب محافظ دمياط، ومجدى الوصيف السكرتير العام المساعد لمحافظة دمياط، والدكتور أسامة العبد أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية وكيل اللجنة الدينية بمجلس النواب، والدكتور نايف راشد الطيار الملحق الدبلوماسى بسفارة دولة الكويت بمحافظة القاهرة، والدكتور هشام عبد العزيز على رئيس القطاع الدينى، والشيخ محمد سلامة مدير مديرية أوقاف دمياط، ونخبة من كبار علماء دولة الهند وعمداء كلياتها، وأساتذة جامعاتها، ورؤساء مؤسساتها الدينية والثقافية، المشاركين فى الدورة المتقدمة المنعقدة بأكاديمية الأوقاف الدولية بالسادس من أكتوبر- أن الجوار كما ينبغى أن يحفظ بين الأفراد ينبغى أن يحفظ بين الدول، فالدول العظيمة هى التى تحفظ حق جيرانها، فلا يؤتى جيرانها من قبلها، ولا يؤذى جيرانها من قبلها، ولا تتطاول على جيرانها أو تعتدى عليهم ، ولا تسيء لجيرانها، بل تكون لجيرانها عونا وسندا وداعما، فحق الجوار الدولى لا يقل حرمة وأهمية عن حق الجوار الشخصى.
كما بين أن حق الجوار لو لم يأت به دين لطبعت عليه الطباع السليمة، والعرب فى جاهليتهم وفى إسلامهم وفى حياتهم كانوا يعظمون حق الجوار.
وقال وزير الأوقاف إن حق الجار وعز الجار وإكرام الجار من أهم ما يتصف به الأصلاء الكرماء، سواء كان ذلك دينا أم فطرة إنسانية سليمة، مضيفا : وقد كانوا يعدون من الدنايا ومن المساوئ ومن الرذائل ليس أن تهين الجار وإنما أن لا تكرم الجار، فالعرب كانت تحترم جوارها فى الجاهلية وتحترمه فى الإسلام، والأصيل الشريف من يحترم حق الجوار سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى الدول، فما بالكم والدين والخلق والإنسانية وكل شيء يؤكد أن إكرام الجار من عظيم الخصال، وكان نبينا (صلى الله عليه وسلم) يقول: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره".
وأشار وزير الأوقاف إلى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) خير الناس لأهله، وخير الناس لأزواجه وخير الناس لأبنائه وخير الناس لأحفاده وخير الناس لأصحابه وخير الناس لجيرانه وخير الناس للناس أجمعين، وقد عنى (صلى الله عليه وسلم) بالجار عناية خاصة من منطلق المنهج الإسلامى الربانى، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "ما زال جبريل يوصينى بالجار حتى ظننت أنه سيورثه"، وقال (صلى الله عليه وسلم): "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن"، قيل: من يا رسول الله؟ قال: "الذى لا يأمن جاره بوائقه"، ولم يقل (صلى الله عليه وسلم) الذى لا يؤذى جاره، أو الذى لا يقع منه أذى وإنما " الذى لا يأمن جاره بوائقه " أى الذى يتوقع منه الأذى، فإذا كان الجار يخشى منه الأذى فقط، ولا يطمئن جاره إليه فهذا يقع تحت قوله (صلى الله عليه وسلم): والله لا يؤمن، والله لا يؤمن"، وجاء بعض الناس إلى سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذكروا له امرأة صوامة قوامة، تصوم النهار وتقوم الليل إلا أنها تؤذى جيرانها بلسانها، قال (صلى الله عليه وسلم): "هى فى النار"، ويقول سبحانه: " واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذى القربى واليتامى والمساكين والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب"، وهنا بدأ النص القرآنى بذكر عبادة الله سبحانه وعدم الإشراك به والتوصية بذى القربى واليتامى والمساكين، وجاء ذلك على سبيل الإجمال.
وتابع وزير الأوقاف قائلا: "أما عند الحديث عن الجار فجاء على سبيل التفصيل فقال: "والجار ذى القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب"، فالجار " ذى القربى " هو الجار الذى بينك وبينه قرابة، فإذا كان جارك من ذوى القرابة صار له أكثر من حق؛ حق الجوار وحق القرابة، أما الجار الجنب فهو الجار الذى ليس بينك وبينه قرابة، وسئل الإمام الأوزاعى (رحمه الله) عن الجوار؟ فقال أربعون دارا، وقال بعض أهل العلم: إن كل من جاورك فى قرية أو محلة أو مدينة فهو جار لك، يقول سبحانه مخاطبا نبيه (صلى الله عليه وسلم): "ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا"، فوصف أهل المدينة جميعا بالجوار، غير أن حقوق الجار تزداد كلما اقترب منك قرابة أو دارا ، فلما سألت السيدة عائشة (رضى الله عنها) يا رسول الله ! إن لى جارين فإلى أيهما أهدى ؟ قال : "إلى أقربهما منك بابا"، فكل من جاورك فى عمل أو فى سكن أو فى سفر فله حق الجوار، فإن استغاث بك أغثته، وإن استعان بك أعنته، وإن سألك أعطيته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، يقول (صلى الله عليه وسلم):"وإذا اشتريت فاكهة فأهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا" لا أن تتباهى بها أمامه، أو أن تستعلى بقدراتك وإمكاناتك المادية عليه، "ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده ".
وكان سيدنا عبد الله بن عمر بن الخطاب (رضى الله عنهما) إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا لجارنا اليهودى منها، وكان يخصه بالذكر خشية أن يهملوه، فالجار حقه عظيم، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم): "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره"، ولم يقف الأمر عند كف الأذى، بل قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره"، وقال بعض العلماء ليس معنى الإحسان إلى الجار فى كف الأذى عنه بل فى تحمل الأذى منه والصبر عليه، فهذا واجبنا وهذا ديننا، فما أعظم هذا الدين فى توطيد العلاقات وبث روح المودة والتراحم بين الناس جميعا.
كما بين وزير الأوقاف معنى قول النبى (صلى الله عليه وسلم): "والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن" قالوا وما ذاك يا رسول الله قال "جار لا يأمن جاره بوائقه" قالوا يا رسول الله وما بوائقه قال "شره" أى أن النبى (صلى الله عليه وسلم) نفى الإيمان ليس عن من يؤذى جاره فحسب بل عن من يخشى جاره منه الأذى، فالجار إن خشى منك الأذى فهناك خلل فى إيمانك لا بد أن يأمن الجار جاره وإلا لتحولت حياتنا إلى توتر لا ينتهى.
كما أكد على أن كل ما جاء فى حق الجار فى القرآن الكريم أم فى سنة النبى ( صلى الله عليه وسلم ) جاء عاما ليس خاصا فى حق الجار المسلم فقط فحق الجار عام فى كل الجوار سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين، كما كان سيدنا عبدالله بن عمر (رضى الله عنه) وغيره من الصحابة والتابعين يفعلون من الإحسان إلى جيرانهم سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين، فكل ما جاء فى الكتاب والسنة لا يخص المسلمين وحدهم وإنما جاء عاما فى مطلق الجوار.