كواليس المفاوضات السرية لوقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا جزئيا
كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن كيف عرقل الهجوم الأوكراني في كورسك جهوداً سرية للتفاوض على وقف جزئي لإطلاق النار مع روسي، مضيفة أن الطرفين المتحاربين كانا يستعدان لعقد محادثات غير مباشرة في قطر بشأن اتفاق لوقف الضربات على البنية التحتية للطاقة والكهرباء.
نقلت "واشنطن بوست" عن دبلوماسيين ومسئولين مطلعين على المناقشات، خلال تقرير نشرته، اليوم السبت، أن أوكرانيا وروسيا كانتا تستعدان لإرسال وفود إلى العاصمة القطرية الدوحة هذا الشهر؛ للتفاوض على اتفاق هام لوقف الضربات على البنية التحتية للطاقة والكهرباء بكلا الجانبين، فيما كان ليرقى إلى مستوى وقف جزئي لإطلاق النار وليقدم مهلة لكلا البلدين.
لكن المحادثات غير المباشرة، التي يلعب فيها القطريون دور الوسطاء ويلتقون بشكل منفصل مع وفدي أوكرانيا وروسيا، تعرضت للعرقلة جراء الهجوم الأوكراني المفاجئ على منطقة كورسك غرب روسيا الأسبوع الماضي، بحسب المسئولين.
وقال المسئولون، الذين طلبوا عدم كشف هويتهم لمناقشة المسألة الدبلوماسية الحساسة، إن بعض المشاركين في المفاوضات أملوا أن تفضي إلى اتفاق أكثر شمولا لإنهاء الحرب. وقد أشار الاستعداد للانخراط في المحادثات إلى ما يشبه التحول بالنسبة لكلا البلدين، على الأقل من أجل وقف محدود لإطلاق النار.
ولم يلتق المسئولون الأوكرانيون والروس وجهاً لوجه من أجل محادثات منذ الشهور الأولى للحرب، عندما اجتمع وفدا الجانبين لإجراء محادثات سرية في إسطنبول. لكن تلك المفاوضات انهارت في النهاية.
ولاحقا، اتفق الجانبان على اتفاق بشأن الحبوب والذي أدى إلى رفع روسيا جزئياً للحصار البحري، مما سمح لأوكرانيا بشحن الحبوب عبر البحر الأسود. بعد ذلك، انهار ذلك أيضاً بعدها بشهور عندما انسحبت روسيا من الاتفاق. وفشلت محاولات أخرى لإنشاء ممرات إنسانية إلى حد كبير.
وقال دبلوماسي مطلع على المحادثات إن المسئولين الروس أجلوا اجتماعهم مع المسئولين القطريين بعد التوغل الأوكراني في غرب روسيا.
ووصف الوفد الروسي الأمر بـ"تصعيد"، بحسب الدبلوماسي، مشيرا إلى أن كييف لم تنبه الدوحة بشأن هجومها عبر الحدود.
وأضاف الدبلوماسي أن روسيا "لم تلغ المحادثات، قالوا اعطونا وقتاً".
وبالرغم من أن أوكرانيا أرادت إرسال وفدها إلى الدوحة على أية حال، رفضت قطر لأنها لم تر أن الاجتماع الاحادي مفيد.
ورداً على "واشنطن بوست"، قال مكتب الرئاسة الأوكرانية خلال بيان، إنه تم تأجيل قمة الدوحة "بسبب الوضع في الشرق الأوسط"، لكنها ستنعقد في صورة مؤتمر بالفيديو في 22 أغسطس. وبعد ذلك، ستتشاور كييف مع شركائها بشأن تطبيق ما تم مناقشته.
وقال الدبلوماسي المطلع على المحادثات، إن كييف وموسكو أبدتا استعدادهما لقبول الترتيب في الفترة التي تسبق القمة.
لكن مسئولين كبار في كييف كانت لديهم توقعات مختلطة بشأن إمكانية نجاح المفاوضات، حيث منح البعض احتمالات تحقق ذلك 20%، فيما توقع آخرون آفاقا أسوأ، حتى وإن لم يقع هجوم كورسك.
لكن المحادثات المخطط لها والاتفاق المحتمل – المتوقفة الآن – ترفع الرهانات لمجازفة زيلينسكي. ويتمثل أحد الأسباب في شك المسئولين الروسي في مدى صدق روسيا هو قصفها الكثيف للبنية التحتية الأوكرانية للطاقة.
وكان تحرك كييف للدفع داخل روسيا، التي سيطرت على نحو 20% من أوكرانيا، يستهدف جزئياً منح أوكرانيا مزيدا من النفوذ في أي مفاوضات في المستقبل، بحسب ما قاله مسئولون أوكرانيون وغربيون.
لكن في حين أن كييف ربما حسنت وضعها التفاوضي المستقبلي مع السيطرة على الأرض، يبدو أن احتمال عقد محادثات سليمة وشيكة تضاءل. وتعهد بوتين علانية هذا الأسبوع بعدم تليين موقفه بشأن المفاوضات بسبب الهجوم على الأراضي الروسية.