نحو منشآت أكثر استدامه بقلم الدكتور أحمد مجدي عضو نموذج محاكاة مجلس الشيوخ
في ظل التحديات البيئية التي نواجهها والوعى المستمر والاهتمام بالقضايا البيئية وما لذلك من أهمية في الحفاظ على الموارد الطبيعية أصبح استخدام مواد بنائية مستدامه وصديقه للبيئة أمر ضروري في صناعة التشييد والبناء لما لها من دور كبير في الحفاظ على التوازن بين الإحتياجات الإجتماعية والإقتصادية والإلتزامات البيئية مما يجعل المجتمعات أكثر استدامة وازدهار.
تتعلق الاستدامة بتلبية الاحتياجات الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها. وبشكل عام، تشير الاستدامة إلى الاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية والتكنولوجية والاجتماعية والاقتصادية لتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية.
وتعتمد الاستدامة على الحفاظ على التوازن بين الاقتصاد والبيئة والمجتمع، وتتطلب معرفة وفهم متعمقين للتفاعلات بين هذه العوامل. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الإفراط في استخدام الموارد الطبيعية دون الحفاظ على التوازن البيئي إلى استنزاف الموارد وتدهور البيئة والآثار الاقتصادية والاجتماعية. وهناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها لتحقيق الاستدامة مثل تحسين كفاءة استخدام الموارد، وتشجيع الاستخدام الأنظف للطاقة، وتشجيع استخدام المواد المستدامة في مشاريع البناء والتشييد، والصناعة والزراعة المستدامة.
على مستوى الأعمال التجارية والصناعة، يمكن تحقيق الاستدامة من خلال تطبيق الممارسات والتقنيات المسؤولة بيئياً، مثل استخدام الطاقة المتجددة والحفاظ على المياه وإعادة التدوير والتخلص السليم من النفايات. وتستخدم مواد البناء المستدامة في مشاريع البناء. كما يجب على الشركات أن تتبنى معايير اجتماعية وبيئية صارمة في جميع أنشطتها وعملياتها.
وتعتبر مواد البناء المستدامه من أهم أساسيات التصميم والبناء الذي يهدف إلى تقليل التأثير البيئي السلبي للمباني بما يعزز استدامة المباني البيئية ويجعلها مباني خضراء أقل استهلاكًا للطاقة واستخداماً للمكيفات مما يساعد في تقليل النفايات وإنبعاثات غازات الإحتباس الحراري الضارة ويعزز استخدام الموارد المتاحه.
المنازل الصديقة للبيئة التي تستخدم فيها مواد بناء مستدامه لديها مواصفات خاصة من حيث البناء، واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، والكثير من التقنيات الحديثة التي تساعد في تحسين كفاءة المباني، وخفض التكاليف على المدى البعيد وتقليل أي أثر بيئي ضار.
إن صناعة البناء تساهم في حوالي 40⁒ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ولذلك فإن استخدام مواد البناء المستدامة يساعد على تقليل الانبعاثات من خلال تقليل استهلاك الطاقة واستخدام مواد ذات بصمة كربونية منخفضة. كما أن صناعة البناء تستهلك كميات هائلة من الموارد الطبيعية، مثل المياه، الرمال والحجر والتي في الحفاظ على هذه الموارد من خلال استخدام مواد قابلة للتجديد وإعادة التدوير، وتقليل هدر المواد فائده عظيمة للأجيال القادمه. بالإضافه إلى أن هذه الصناعه تُنتج كميات كبيرة من النفايات والملوثات، الأمر الذي يجعل استخدام مواد البناء المستدامة تعمل على تقليل هذه النفايات والملوثات وتقلل الحاجة إلى المواد الكيميائية الضارة حيث أنها تساهم في تحسين جودة الهواء الداخلي عن طريق تقليل المواد الضارة والملوثات، وخلق بيئة أكثر راحة.
مواد البناء المستدامه ستشجع الباحثين في الابتكار وتطوير مواد وتقنيات بناء جديدة أكثر كفاءة واستدامة والحفاظ على البيئة مما يسهم في جذب المشترين والمستأجرين، بما يُؤدي إلى ارتفاع قيمة العقارات. أيضاً سيكون لها دور في تحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني من خلال تحسين العزل الحراري وتوفير المزيد من ضوء الشمس الطبيعي وتحسن جودة الهواء داخل المباني. وبالتالي يمكن لمواد البناء المستدامة خفض تكاليف التشغيل والصيانة على المدى الطويل حيث يتم من خلالها استخدام مواد العزل الحراري عالية الكفاءة تقلل من الحاجة إلى تدفئة وتبريد المبنى بالتالي يقلل من استهلاك الطاقة بما يسهم في تحسين راحة وصحة الأفراد وذلك من خلال توفير بيئة داخلية ذات جودة هواء عاليه والتحكم في درجات الحرارة والرطوبة.
ختاماً.. يجب على الحكومات الالتزام بتطبيق مفهوم الاستدامة البيئية الشامل من خلال تشجيع الممارسات المستدامة في الصناعة، والتشريعات والسياسات البيئية، وتشجيع الاستثمار في المشاريع الصديقة للبيئة ومشاريع البناء التي تعتمد على مواد البناء المستدامة. دعم وتشجيع تطوير تكنولوجيات مستدامة جديدة.