الشرق الأوسط يقود ثورة الطيران العالمية: «خطط ضخمة لتحديث الأساطيل الجوية»
الثلاثاء 18/فبراير/2025 - 05:40 م

محمود السعدي
طباعة
شهدت صناعة الطيران في منطقة الشرق الأوسط تحولًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث تسعى العديد من أكبر شركات الطيران في المنطقة إلى تحديث أساطيلها من خلال طلبات ضخمة لشراء مئات الطائرات الجديدة.
وهذا التحرك يعكس الطموحات المستمرة لهذه الشركات في تعزيز مكانتها العالمية ودعم نموها المستدام في ظل الطلب القوي على السفر الفاخر والرحلات الطويلة، ويعزز هذا أيضًا من مكانة المنطقة كقوة دافعة رئيسية لصناعة الطيران العالمي، مع تصاعد الطلب على الطائرات من طرازات مختلفة.
وتستفيد كل من شركتي “بوينغ” و"إيرباص" من هذا التوجه، حيث يتوقع أن تحصل على ما لا يقل عن 500 طلبية من منطقة الشرق الأوسط فقط في العام الحالي.
في مقدمة الشركات التي تسعى لتجديد أسطولها، تأتي شركة "فلاي دبي" التي تسعى لشراء ما لا يقل عن 200 طائرة ضيقة البدن، مع خيار إضافة 100 طائرة أخرى.
ويعكس هذا التوسع الكبير في خطط الشركة استراتيجيتها التوسعية، لا سيما في ظل النقلة النوعية التي تسعى لتحقيقها، حيث من المتوقع أن تؤثر هذه الصفقة بشكل كبير على المستقبل العملياتي للشركة.
وتتناقض "فلاي دبي" مع بعض الشركات الأخرى مثل "الاتحاد للطيران"، التي تتفاوض لشراء ما يصل إلى 40 طائرة عريضة البدن.
إلى جانب ذلك، تواصل الخطوط الجوية القطرية تقريبًا إنهاء صفقة شراء نحو 230 طائرة ذات ممرين، مما يعكس اهتمام الشركة بتعزيز قدرتها على تلبية الطلبات المتزايدة للسفر الفاخر والرحلات الطويلة.
وفي الوقت نفسه، تجري شركة "طيران الخليج"، الناقل الوطني للبحرين، محادثات لشراء نحو 12 طائرة عريضة البدن لتحديث أسطولها بما يتماشى مع أهدافها في تحقيق الربحية والنمو في المستقبل.
أما بالنسبة لشركة "طيران الرياض"، التي تعتبر حديثة على الساحة، فإنها تسعى لتعزيز طلبيتها بترتيب شراء 50 طائرة مخصصة للرحلات الطويلة. من المتوقع أن تتوزع هذه الطلبات على طائرات “بوينغ 787 دريملاينر” وطائرات “إيرباص A350”، مما يعزز القدرة التنافسية للشركة في سوق النقل الجوي في المملكة وخارجها.
في هذا السياق، تكمن أهمية هذه الطلبات الضخمة في أنها تسهم بشكل كبير في تعزيز مكانة منطقة الشرق الأوسط كأحد المحركات الرئيسية لنمو شركات تصنيع الطائرات العالمية، فمع تحول وجهات مثل دبي من مجرد مراكز عبور إلى وجهات سياحية كاملة، تزداد الحاجة إلى طائرات جديدة لمواكبة هذا النمو الكبير في الطلب على السفر الجوي، سواء لأغراض السياحة أو التجارة.
من الملاحظ أن هذه الطلبيات تأتي في وقت حساس، حيث تشهد صناعة الطيران العالمية طلبًا متزايدًا على الطائرات الجديدة، ما دفع العديد من شركات الطيران إلى التنافس على حجز مواعيد التسليم التي تمتد حالياً إلى العقد المقبل، خاصة للطائرات ذات الممر الواحد والممرين.
وعلى الرغم من الطلب المرتفع، تواجه شركات الطيران العالمية مثل "إيرباص" و"بوينغ" تحديات عديدة تتعلق بزيادة الإنتاج، ما يعوق تسليم الطائرات في الوقت المحدد.
ومن أبرز هذه التحديات استمرارية قيود سلاسل التوريد وصيانة المحركات، ما قد يفاقم من التأخيرات ويؤثر على خطط شركات الطيران التي تعتمد بشكل كبير على هذه الطائرات الجديدة لتحديث أساطيلها.
ولم يقتصر الأمر على الشركات المذكورة فقط، بل تشمل قائمة الشركات المهتمة بتوسيع أسطولها أيضًا شركة "الاتحاد للطيران"، التي تملك أسطولًا يتراوح بين الطائرات ضيقة وعريضة البدن. ووفقًا للمصادر، تخطط "الاتحاد للطيران" لمضاعفة حجم أسطولها في السنوات الخمس المقبلة، وهو ما يتطلب طلب طائرات جديدة من طرازات مثل "بوينغ 777X" و"787"، بالإضافة إلى طائرات “إيرباص A350”. وعلى الرغم من عدم الكشف عن تفاصيل الصفقة بعد، فإن هذه الخطوة تعكس استراتيجيتها في توسيع طاقتها التشغيلية على المدى الطويل.
من جهتها، لم تكشف "طيران الإمارات"، أكبر شركة طيران في المنطقة، عما إذا كانت بحاجة إلى شراء طائرات إضافية. ومع ذلك، تم تسليط الضوء على طلبية ضخمة لديها من طائرات "بوينغ 777X"، التي تبلغ أكثر من 200 طائرة، إلا أن عملية تسليم هذه الطائرات تأثرت بسبب تأخير إجراءات اعتماد الطراز الجديد، ومن المتوقع أن يتم تأجيل تسليم أولى الطائرات حتى الربع الثاني من عام 2027 على الأقل.
وفي السياق نفسه، قامت الشركة بشراء دفعة صغيرة من طائرات "إيرباص A350-900" خلال معرض دبي للطيران في 2023، حيث تؤكد هذه التطورات أهمية منطقة الشرق الأوسط في استدامة نمو صناعة الطيران العالمية. فعلى الرغم من أن أميركا الشمالية تظل المساهم الأكبر في أرباح قطاع الطيران، فإن الشرق الأوسط سجل أفضل أداء مالي في السنوات الأخيرة، وكان المنطقة الوحيدة التي شهدت زيادة في إيرادات الركاب.
ويعود ذلك إلى الطلب القوي على رحلات السفر الفاخرة لمسافات طويلة، ما يجعل هذه الصفقات جزءًا لا يتجزأ من تعزيز مكانة شركات الطيران في المنطقة وعلى الصعيد العالمي.