تراثنا بلغتك.. لأول مرة ترجمة كراسات لجنة حفظ الآثار إلى العربية

تماشيًا مع رؤية وزارة السياحة والآثار للتحول الرقمي وتعزيز سبل حفظ التراث الثقافي والعلمي، أعلن المجلس الأعلى للآثار عن إطلاق مشروع طموح لترجمة، نشر، ورقمنة سلسلة "كراسات لجنة حفظ الآثار العربية"، إلى جانب رقمنة الدوريات العلمية المتخصصة والكتب الصادرة عن المجلس، وذلك بهدف توسيع نطاق الوصول إلى هذه الإصدارات القيمة وحمايتها للأجيال القادمة.
ويأتي هذا المشروع في إطار جهود الوزارة والمجلس لتيسير وصول الباحثين والمهتمين بالتراث المصري إلى مصادر علمية دقيقة ومُعتمدة، عبر تحويل هذه الإصدارات من الشكل الورقي إلى النسق الرقمي التفاعلي، بما يعزز من كفاءة البحث والاستفادة الأكاديمية، ويضمن استدامة هذه الموارد الحيوية.
وفي هذا السياق، صرّح شريف فتحي، وزير السياحة والآثار، بأن المشروع يمثل خطوة محورية ضمن استراتيجية الوزارة للتحول الرقمي، مشيرًا إلى أن تحويل الإصدارات الورقية إلى صيغة رقمية يسهم في صون الوثائق والمخطوطات من التلف والضياع، ويتيح للباحثين والأكاديميين وصولًا أسهل وأوسع لمصادر علمية موثوقة، مع دعم جهود الدولة في التحول إلى بيئة رقمية متكاملة ومستدامة.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، أن المشروع يهدف إلى توسيع قاعدة المستفيدين من الإصدارات العلمية للمجلس، وجعلها متاحة إلكترونيًا بما ييسر عمليات البحث والاسترجاع ويوفر الوقت والجهد. وأضاف أن التحول الرقمي يعكس توجهًا استراتيجيًا للحفاظ على الهوية الثقافية والمعمارية لمصر، كما يدعم استدامة الموارد ويُقلل من الاعتماد على الورق، في إطار توجهات الدولة البيئية.
وأوضح الدكتور هشام الليثي، رئيس قطاع حفظ وتسجيل الآثار بالمجلس، أن ترجمة ونشر "كراسات لجنة حفظ الآثار العربية" إلى اللغة العربية يُعد أحد الأهداف الرئيسية للمشروع، حيث تُعد هذه الكراسات من أهم المراجع التوثيقية للآثار الإسلامية والقبطية في مصر. وتهدف الترجمة إلى إتاحة هذا المحتوى العلمي للباحثين الناطقين بالعربية، بما يدعم الأبحاث الأكاديمية ويُسهم في إثراء المكتبة العربية بمواد علمية موثوقة.
وأشار الليثي إلى أن المجلس يعمل حاليًا على إعداد النسخة المترجمة من العدد الثلاثين من هذه الكراسات، بالتعاون بين الإدارة العامة للنشر العلمي ومركز معلومات الآثار الإسلامية والقبطية بقطاع حفظ وتسجيل الآثار، وهو ما يُعد إضافة مهمة للمحتوى العربي المتخصص في هذا المجال.
وتجدر الإشارة إلى أن "كراسات لجنة حفظ الآثار العربية" تُعد من أقدم وأهم الإصدارات العلمية التي وثّقت جهود اللجنة منذ تأسيسها في أواخر القرن التاسع عشر، حيث تناولت في تقاريرها مشروعات الترميم والحفظ التي نُفذت في عدد كبير من المعالم الإسلامية والقبطية مثل المساجد، المدارس، القصور والمنازل الأثرية، فضلاً عن مواقع تاريخية بارزة. وتضم هذه الكراسات صورًا فوتوغرافية نادرة، ورسومات هندسية دقيقة تُبرز تطور العمارة والفنون الإسلامية في مصر.
وفي إطار المشروع ذاته، أعلن المجلس الأعلى للآثار عن رقمنة عدد من الدوريات العلمية المتخصصة التي يصدرها، وفي مقدمتها:
-
حوليات المجلس الأعلى للآثار: وهي الأقدم، حيث بدأ إصدارها عام 1900 وبلغت حتى الآن 89 عددًا، تم رقمنة 55 عددًا منها، وجارٍ استكمال البقية.
-
ملحق الحوليات – الأعداد التكريمية، والذي خضع لمسح ضوئي كامل لحفظه إلكترونيًا.
-
مجلة المتحف المصري،
-
مجلة دراسات آثارية إسلامية، التي اكتمل رقمنتها،
-
مجلة مشكاة، المتخصصة في الآثار الإسلامية، ويجري العمل على رقمنتها حاليًا.
ويشمل المشروع كذلك رقمنة الكتب العلمية الصادرة عن المجلس، من أجل نشرها على نطاق أوسع، وضمان استمرارية توافرها للباحثين وطلبة العلم في مختلف أنحاء العالم، مع الإبقاء على نسخ ورقية محدودة توزع على المكتبات المركزية.
ويعمل المجلس على تطوير هذه الإصدارات الرقمية بصيغ تفاعلية تسهم في تحسين تجربة المستخدم وسهولة تصفح المحتوى العلمي، بما يواكب المعايير العالمية للنشر الإلكتروني الأكاديمي. كما تخطط الوزارة لاعتماد النشر الرقمي كأساس للإصدارات المستقبلية، في إطار التحول الكامل نحو النشر المستدام والذكي.
ويُعد هذا المشروع المتكامل نقلة نوعية في حفظ التراث المصري، ويعكس التزام الدولة بحماية مصادرها الثقافية والعلمية، وحرصها على تعزيز دور مصر كمرجعية إقليمية في مجال الدراسات الأثرية والتوثيق التاريخي، بما يخدم الأجيال الحالية والمستقبلية.