رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

ماذا يحدث إذا تعطلت محركات الطائرة في الجو؟ إليك المفاجأة

السبت 09/أغسطس/2025 - 02:46 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

في كثير من الأفلام والدراما، نرى مشاهد توقف محركات الطائرات في الجو، ليتبعها ذعر وصراخ وتهديد بالسقوط. لكن الواقع يختلف تمامًا عن السيناريوهات السينمائية. فالسؤال الأهم الذي يبحث عنه الكثيرون: ماذا يحدث إذا تعطلت محركات الطائرة وهي تحلق على ارتفاعات شاهقة؟ وهل يمكن للطائرة أن تطير بدون محركات؟

الإجابة قد تدهشك: نعم، تستطيع الطائرة مواصلة الطيران حتى بعد توقف محركاتها بالكامل، وذلك بفضل القوانين الفيزيائية، والتصميم الديناميكي للطائرات، والتدريب الدقيق الذي يتلقاه الطيارون على مثل هذه الحالات الطارئة.

في حالة حدوث خلل مفاجئ في أحد أو جميع محركات الطائرة، فإنها لا تسقط عموديًا كما قد يتخيل البعض، بل تبدأ في الطيران بأسلوب يُعرف بـ"الانزلاق" أو Gliding. ويعتمد مدى قدرتها على البقاء في الجو على عوامل مثل:

  • ارتفاع الطائرة عند توقف المحركات

  • وزن الحمولة

  • زاوية انزلاق الطائرة

  • الظروف الجوية المحيطة

في المتوسط، يمكن للطائرة أن تنزلق لمسافة تتراوح بين 250 إلى 300 كيلومتر قبل أن تلامس الأرض، وهو ما يمنح الطاقم وقتًا كافيًا للتصرف وتنفيذ خطة الهبوط الاضطراري بأمان.

من المفاجئ للكثيرين أن تدريب الطيارين يشمل سيناريوهات كاملة لتعطل المحركات في الجو. يتم تدريبهم داخل محاكيات طيران تحاكي الواقع بنسبة 100%، على كيفية التعامل مع توقف مفاجئ لمحرك أو أكثر، وتحديد أنسب مسار للهبوط الآمن.

يتعلم الطيار كيفية التحكّم في الطائرة باستخدام ما تبقى من قوة دفع أو الاستفادة من التصميم الديناميكي للأجنحة والدفة الخلفية، بحيث يتم توجيه الطائرة بشكل يُشبه إلى حد كبير قيادة سيارة في منحدر دون استخدام دواسة البنزين.

لتبسيط الأمر، يُمكن تشبيه الطائرة في حالة الهبوط بدون محركات بسيارة تتحرك على طريق منحدر. السائق يرفع قدمه عن البنزين، لكن السيارة تواصل السير بقوة الدفع الذاتي  وبالمثل، عندما يدخل الطيار في مرحلة الهبوط التدريجي (حتى في الظروف العادية)، تكون المحركات في وضع شبه خامل وتعمل بدون طاقة تُذكر.

وعندما تتوقف المحركات فعليًا في حالة طوارئ، يستخدم الطيار التحكم بالارتفاع والميلان، ويُغير من زاوية مقدمة الطائرة لتسريع أو إبطاء الحركة، وهو ما يُعرف بـ"Pitch Control".

كلما كانت الطائرة على ارتفاع عالٍ عند تعطل المحركات، زادت المسافة التي يمكن أن تنزلقها في الهواء، وبالتالي زادت فرصة العثور على مكان مناسب للهبوط الاضطراري.

على سبيل المثال، طائرة على ارتفاع 35,000 قدم (حوالي 10 كم)، يمكنها الانزلاق لمسافة تزيد عن 250 كيلومترًا قبل الهبوط، مما يمنح الطيار وقتًا مهمًا لتقدير موقع الهبوط وإبلاغ برج المراقبة وتطبيق بروتوكولات الطوارئ.

تاريخ الطيران مليء بحوادث شهيرة تُظهر قدرة الطيارين على الهبوط الآمن بعد فشل تام في المحركات. من أبرزها:

  • رحلة "جيملي جلايدر" (Gimli Glider) التابعة للخطوط الجوية الكندية، عام 1983، حيث توقفت محركات الطائرة تمامًا بسبب نفاد الوقود، وتمكن الطيار من الهبوط بها بسلام في مطار مهجور.

  • رحلة US Airways رقم 1549، التي اضطر قائدها الكابتن تشيسلي "سولي" سولنبيرغر للهبوط اضطراريًا في نهر هدسون بعد تعطل المحركين بسبب اصطدام الطائرة بطائر. وقد نجا جميع الركاب.

رغم أن فكرة تعطل المحركات في الجو تبدو مرعبة، إلا أن الواقع يؤكد أن الطائرات الحديثة مصممة لتتعامل مع هذه السيناريوهات بفعالية. كما أن الطيارين مؤهلون للتعامل مع توقف المحركات والتصرف في الوقت المناسب.

لذلك، في المرة القادمة التي تستقل فيها طائرة، وتفكر في هذا السيناريو، تذكّر أن سلامة الطيران ليست فقط في عدد المحركات، بل في التدريب، والتكنولوجيا، والبروتوكولات الصارمة التي تجعل من الطيران أحد أكثر وسائل النقل أمانًا في العالم.

                                           
ads
ads
ads