إيرباص A320 تقترب من كسر رقم بوينج 737 التاريخي في مبيعات الطائرات التجارية

يشهد عالم الطيران المدني لحظة فارقة وتاريخية، حيث باتت طائرة إيرباص A320 قريبة جدًا من كسر الرقم القياسي العالمي في عدد الطائرات التجارية المُسلّمة، والذي تحتفظ به طائرة بوينج 737 منذ عقود. ومع تقلّص الفارق بين عدد الطائرات المسلّمة من كلا الطرازين إلى أقل من 20 طائرة فقط، يبدو أن الصدارة التاريخية لطائرات B737 في طريقها للزوال، لتُفسَح المجال أمام نجم جديد في صناعة الطيران: إيرباص A320.

من 1967 حتى 2025.. تفوّق تاريخي لبوينج قد ينتهي قريبًا

دخلت طائرة بوينج 737 الخدمة لأول مرة في عام 1967، ومنذ ذلك الحين أصبحت العمود الفقري لأساطيل شركات الطيران حول العالم، وتم إنتاج آلاف النسخ منها بمختلف نسخها وتحديثاتها، مثل 737-200، و737-800، والجيل الأحدث 737 MAX.

أما طائرة إيرباص A320، فقد دخلت الخدمة عام 1988، أي بعد حوالي 21 عامًا من دخول طائرة بوينج 737 إلى السوق. ومع ذلك، تمكنت A320 خلال ما يقرب من أربعة عقود من تقليص الفارق بشكل كبير بفضل شعبيتها المتزايدة، وتصميمها المبتكر، ونجاحاتها المتواصلة، لتصبح واحدة من أهم الطائرات في تاريخ الطيران التجاري.

2025.. العام الذي قد يشهد انقلابًا تاريخيًا في سوق الطيران التجاري

بحسب بيانات تسليم الطائرات حتى بداية أغسطس 2025، فقد سلّمت بوينج ما مجموعه 12,171 طائرة من طراز B737، بينما وصلت إيرباص إلى 12,151 طائرة من طراز A320، بفارق 20 طائرة فقط.

ومع استقرار إنتاج بوينج في الفترة الأخيرة بسبب تبعات أزمة 737 MAX، في مقابل استمرار إيرباص في زيادة إنتاجها من طائرات A320neo، يبدو أن تحطيم الرقم التاريخي أصبح مسألة وقت لا أكثر.

لماذا تحظى A320 بشعبية هائلة لدى شركات الطيران؟

نجاح A320 لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة مزايا تقنية واقتصادية مدروسة جذبت شركات الطيران في جميع أنحاء العالم. من أبرز عوامل نجاح A320:

• كفاءة الوقود العالية، خصوصًا مع إصدار A320neo.

• مقصورة الركاب الأوسع مقارنة بنظيرتها في B737.

• تصميم الطائرة الداخلي المرن الذي يتيح تنوعًا في استخدام المساحات.

• اعتمادها على تقنيات قيادة متقدمة، مثل نظام التحكم بواسطة عصا القيادة الجانبية (sidestick).

• إمكانية التشغيل في مختلف أنواع المطارات، من الإقليمية إلى الدولية.

كل هذه المزايا جعلت A320 الخيار الأول للعديد من شركات الطيران منخفضة التكلفة، مثل Ryanair وeasyJet، بالإضافة إلى الشركات التقليدية الكبرى مثل Lufthansa وQatar Airways.

إيرباص A320neo.. الجيل الجديد الذي غير قواعد اللعبة

مع إطلاق طائرة A320neo في عام 2016، عززت إيرباص موقعها في المنافسة مع بوينج، حيث وفرت الطائرة الجديدة خفضًا في استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى 20%، فضلًا عن تحسين الراحة داخل المقصورة وتقليل الضوضاء.

وقد ساهمت A320neo بشكل كبير في زيادة طلبات الشراء والتسليم خلال السنوات الأخيرة، لتصبح الأسرع نموًا بين طائرات إيرباص، ودافعة أساسية نحو كسر الرقم القياسي الذي تحتفظ به بوينج منذ أكثر من 50 عامًا.

بوينج 737.. إرث عريق يواجه تحديات جديدة

رغم كل التحديات التي تواجهها، تظل بوينج 737 واحدة من أنجح الطائرات التجارية على الإطلاق، وقد لعبت دورًا محوريًا في توسيع السفر الجوي التجاري منذ الستينيات.

لكن لا يمكن إنكار أن الشركة تعرضت لهزات عنيفة خلال السنوات الماضية، أبرزها أزمة 737 MAX التي أدت إلى توقف الطائرة مؤقتًا عن الطيران بعد حوادث مميتة، مما أثر على صورة الشركة وثقة السوق في هذا الطراز الحيوي.

وقد حاولت بوينج استعادة ثقة العملاء من خلال إصلاحات فنية وتنظيمية، إلا أن ذلك أبطأ من وتيرة التسليمات مقارنة بإيرباص.

نظرة مستقبلية: من سيقود السوق خلال العقد القادم؟

في ظل استمرار الطلب المتزايد على الطائرات ذات الممر الواحد، يتوقع المحللون أن يشهد العقد القادم منافسة شرسة بين A320 و737، مع ترجيحات بزيادة حصة A320 في الأسواق الجديدة والناشئة.

وفيما تواصل إيرباص توسيع خطوط إنتاجها في كل من أوروبا وأمريكا وآسيا، تواجه بوينج ضغوطات متزايدة لتحسين جودة الإنتاج واستعادة ثقة السوق العالمية.

وقد يتوقف التفوق المستقبلي على عوامل متعددة، منها:

• قدرة الشركات على الابتكار والتطوير التكنولوجي.

• مدى التزامها بمعايير السلامة والجودة.

• المرونة في مواجهة التغيرات الاقتصادية والجيوسياسية.

 A320 تكتب التاريخ.. وB737 تحاول الصمود

مع تقلص الفارق في عدد الطائرات المُسلّمة إلى 20 طائرة فقط، تبدو إيرباص A320 على بعد خطوات بسيطة من تحقيق إنجاز تاريخي غير مسبوق، يضعها في صدارة الطائرات التجارية الأكثر مبيعًا على الإطلاق.

وبينما تترقب صناعة الطيران اللحظة التي تتجاوز فيها A320 طراز B737، يظل السباق بين العملاقين الأمريكي والأوروبي علامة فارقة في تاريخ الطيران المدني الحديث.