حادثة كادت تتحول إلى كارثة جوية في مطار نيس بين طائرتي "إيزي جيت" و"نوفيلير"
شهد مطار نيس الدولي في فرنسا مساء الأحد الماضي حادثة خطيرة كادت أن تؤدي إلى كارثة جوية، بعدما اقتربت طائرتان من طراز إيرباص A320 – إحداهما تابعة لشركة إيزي جيت EasyJet والثانية تابعة لشركة نوفيلير Nouvelair – من الاصطدام على مدرج الإقلاع والهبوط. الحادثة أثارت حالة من القلق بين الركاب وأعادت تسليط الضوء على أهمية أنظمة السلامة الجوية والتنسيق بين أبراج المراقبة الجوية وأطقم الطيران.
تفاصيل الواقعة
وفقاً للتقارير الرسمية، كانت طائرة إيزي جيت التي تحمل رقم الرحلة (EZY4706) متجهة إلى مدينة نانت الفرنسية، مصطفة بالفعل على مدرج الإقلاع بمطار نيس في انتظار السماح لها بالتحرك. وفي الوقت ذاته، كانت طائرة نوفيلير القادمة من رحلة رقم (NOU586) تستعد للهبوط على نفس المدرج (04L).
وبينما كانت الطائرة التونسية "نوفيلير" على وشك ملامسة الأرض، فوجئ قائد طائرة إيزي جيت بمرورها على ارتفاع منخفض للغاية يقدر بحوالي 3 أمتار فقط فوق طائرته. الأمر دفع قائد الرحلة التابعة لإيزي جيت إلى إلغاء الإقلاع على الفور، واتخاذ قرار العودة إلى مبنى الركاب حفاظاً على سلامة المسافرين وأفراد الطاقم.
أما طائرة نوفيلير فقد واصلت مسارها وهبطت بسلام على المدرج نفسه بعد نحو 12 دقيقة من الحادثة، بحسب بيان المتحدث باسم مطار نيس.
ردود الأفعال الأولية
عقب الواقعة مباشرة، أبلغ قائد طائرة إيزي جيت ركابه بما حدث، مؤكداً أن الحادثة كانت على وشك أن تتحول إلى اصطدام كارثي لولا سرعة الاستجابة والإجراءات الاحترازية. الركاب الذين كانوا على متن الطائرة شعروا بحالة من القلق والتوتر، فيما عبّر بعضهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن امتنانهم للطاقة الاحترافية للطاقم الذي تعامل مع الموقف.
من جانبه، أعلن المتحدث باسم مطار نيس أن تحقيقاً شاملاً سيتم إجراؤه لتحديد أسباب ما حدث، سواء كان الأمر مرتبطاً بخلل في برج المراقبة الجوية أو بسوء تقدير في التوقيت بين الطائرتين.
أهمية السلامة الجوية
الحادثة تعيد إلى الأذهان الأهمية البالغة لمعايير السلامة الجوية الدولية، خصوصاً أن حركة الملاحة الجوية في أوروبا تشهد كثافة عالية مع تزايد الطلب على السفر الجوي.
تضع منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) قوانين صارمة فيما يخص الفصل الآمن بين الطائرات على المدارج وفي الجو. أي خرق لهذه القوانين قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة، ولهذا يتم الاعتماد على أنظمة المراقبة الجوية الحديثة والرادارات والتواصل المستمر بين الطيارين وأبراج المراقبة.
في حالة مطار نيس، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت المشكلة ناجمة عن سوء تنسيق من برج المراقبة أو عن خلل في التواصل بين الأطقم الجوية. لكن المؤكد أن سرعة اتخاذ القرار من جانب طاقم إيزي جيت كان عاملاً أساسياً في تفادي كارثة.
سوابق مماثلة
رغم أن حوادث الاصطدام الجوي أو شبه الاصطدام نادرة نسبياً، إلا أنها حدثت في مطارات عالمية عدة خلال السنوات الماضية. وتؤكد هذه الحوادث على الحاجة المستمرة لتطوير أنظمة المراقبة الجوية وتدريب الطيارين على التعامل مع المواقف الطارئة.
بحسب تقارير الاتحاد الأوروبي للطيران، فإن نسبة الحوادث الخطيرة التي يتم تفاديها في اللحظة الأخيرة تُعتبر منخفضة للغاية مقارنة بعدد الرحلات اليومية، لكنها تظل مؤشراً يجب أخذه على محمل الجد لتعزيز مستويات الأمان.
رد الشركات المعنية
حتى الآن، لم تصدر شركة إيزي جيت أو شركة نوفيلير بياناً رسمياً مفصلاً حول الحادثة، لكن من المتوقع أن يتم التنسيق مع سلطات الطيران المدني الفرنسي للمشاركة في التحقيقات.
عادة ما تتعاون شركات الطيران بشكل كامل مع سلطات الطيران في مثل هذه الحالات، حيث يتم فحص بيانات الصندوق الأسود والتسجيلات الصوتية بين برج المراقبة والطيارين، إضافة إلى مراجعة الإجراءات المتبعة في تلك اللحظة.
أهمية التحقيقات
التحقيقات الجارية في مطار نيس ستسعى إلى تحديد إن كان السبب يعود إلى خطأ بشري من قبل الطيارين أو برج المراقبة، أم إلى خلل فني في أنظمة التوجيه والمراقبة.
نتائج هذه التحقيقات لا تقتصر فقط على تحديد المسؤوليات، بل تهدف أيضاً إلى تعزيز معايير السلامة ومنع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل. فمن المعروف أن قطاع الطيران يعتمد بشكل كبير على "التعلم من الأخطاء" وتحويل كل واقعة إلى درس عملي لتحسين الإجراءات.
ثقة الركاب في الطيران
رغم الحادثة، يظل الطيران واحداً من أكثر وسائل النقل أماناً على مستوى العالم، حيث تشير الإحصاءات إلى أن احتمال تعرض طائرة لحادث كارثي يظل منخفضاً للغاية مقارنة بوسائل النقل الأخرى.
لكن مثل هذه الأخبار تترك أثراً نفسياً على بعض المسافرين الذين قد يشعرون بالقلق. وهنا يأتي دور شركات الطيران في تعزيز الثقة عبر الشفافية وتوضيح الإجراءات التي يتم اتخاذها لضمان سلامة الركاب.
حادثة مطار نيس بين طائرتي إيزي جيت ونوفيلير تسلط الضوء من جديد على التحديات التي تواجه صناعة الطيران المدني في ظل الكثافة التشغيلية. سرعة استجابة الطاقم واتباع بروتوكولات السلامة جنب العالم كارثة جوية محققة.
ومع انطلاق التحقيقات، يبقى الهدف الرئيسي هو الاستفادة من هذه التجربة لتطوير الأنظمة وتحقيق مستويات أعلى من الأمان. فسلامة الركاب كانت وستظل الأولوية القصوى لكل شركات الطيران والسلطات المنظمة لهذا القطاع الحيوي.