رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

«سبيريت» تفاجئ سوق الطيران بقرار إعادة أكثر من 100 طائرة A320neo

الإثنين 06/أكتوبر/2025 - 01:13 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

تشهد صناعة الطيران العالمية تطورًا لافتًا مع إعلان شركة سبيريت (Spirit Airlines) الأمريكية عن نيتها فسخ عقود تأجير 114 طائرة من أسطولها الحالي، في خطوة غير مسبوقة قد تُحدث تأثيرًا واسعًا على سوق الطائرات التجارية المستعملة والمستأجرة على مستوى العالم.


وتشكل هذه الطائرات قرابة نصف حجم أسطول الشركة، مما يضع سبيريت أمام مرحلة إعادة هيكلة شاملة لعملياتها التشغيلية والمالية خلال الفترة المقبلة.

 تفاصيل خطة سبيريت لإعادة الطائرات

بحسب المعلومات الرسمية، فإن شركة سبيريت تعتزم إعادة 114 طائرة من عائلة إيرباص A320neo، جميعها مزودة بمحركات برات آند ويتني (Pratt & Whitney)، وهي من أحدث الطرازات التي دخلت الخدمة خلال العقد الأخير.
وتتراوح أعمار هذه الطائرات بين 3 و9 سنوات فقط، مما يجعلها من بين الأصول الحديثة نسبيًا في سوق التأجير الجوي العالمي.

ومن المتوقع أن تبدأ عمليات إعادة هذه الطائرات إلى شركات التأجير المالكة لها قبل نهاية شهر أكتوبر الجاري، على أن يتم ذلك بشكل تدريجي في حال تمكنت الشركة من الحصول على الموافقات النهائية لفسخ العقود.

موافقات مبدئية من AerCap وطلبات إضافية قيد الدراسة

كشفت سبيريت أنها حصلت بالفعل على موافقة رسمية لإعادة 27 طائرة مستأجرة من شركة AerCap، وهي واحدة من أكبر شركات تأجير الطائرات في العالم.
في المقابل، تنتظر الشركة موافقات إضافية تشمل 87 طائرة أخرى من مؤجرين مختلفين، وسط ترقب من المراقبين لمدى استجابة السوق لهذه الخطوة الكبيرة.

ويُتوقع أن تُحدث هذه التحركات تغييرات واضحة في سوق الطائرات المستعملة، حيث سيؤدي عرض أكثر من مئة طائرة من طراز A320neo دفعة واحدة إلى زيادة المعروض وخفض الأسعار المحتملة في السوق الثانوية خلال الأشهر المقبلة.

أسباب القرار.. أزمة المحركات وضغوط التشغيل

يرى محللون أن هذه الخطوة تأتي نتيجة مباشرة لأزمة محركات برات آند ويتني التي واجهت العديد من شركات الطيران حول العالم خلال العامين الماضيين.
فقد اضطرت شركات عدة إلى إيقاف طائراتها مؤقتًا بسبب مشكلات فنية في المحركات تتعلق بعمر المكونات الداخلية ودورات الصيانة الإلزامية.
ويبدو أن سبيريت وجدت نفسها أمام تكاليف تشغيل وصيانة مرتفعة لا تتناسب مع العائد التشغيلي، خصوصًا في ظل تراجع الإيرادات وتباطؤ نمو الطلب في السوق الأمريكية.

كما تواجه الشركة ضغوطًا مالية متزايدة بسبب ارتفاع تكاليف الوقود وأسعار الفائدة، وهو ما جعل إعادة هيكلة الأسطول أحد الخيارات الاستراتيجية لتقليص النفقات الثابتة وتحسين التدفقات النقدية.

تأثير القرار على سوق الطيران والتأجير

من المتوقع أن تكون لتبعات هذا القرار آثار مباشرة على سوق تأجير الطائرات العالمي، إذ ستُعرض أكثر من 100 طائرة A320neo حديثة نسبياً للبيع أو التأجير مجددًا من قبل الشركات المالكة.


هذا العدد الكبير من الطائرات قد يؤدي إلى زيادة المنافسة بين شركات التأجير ويمنح شركات الطيران الأخرى فرصة للحصول على طائرات حديثة بأسعار أقل.

وفي المقابل، يرى محللون أن شركات التأجير الكبرى مثل AerCap وSMBC وAvolon قد تستفيد من إعادة تسويق هذه الطائرات لشركات ناشئة أو شركات منخفضة التكلفة في آسيا وأفريقيا، حيث ما زال الطلب قويًا على الطائرات ذات الكفاءة العالية في استهلاك الوقود.

طائرات A320neo.. الكفاءة والتحديات

يُذكر أن طراز إيرباص A320neo يُعد من أكثر الطرازات مبيعًا في العالم بفضل كفاءته في استهلاك الوقود وانخفاض انبعاثاته مقارنة بالأجيال السابقة.
إلا أن الاعتماد الكبير على محركات برات آند ويتني PW1100G-JM خلق تحديات غير متوقعة لعدد من الشركات، إذ واجهت هذه المحركات مشكلات في المواد المعدنية الداخلية تتطلب فحوصات دقيقة وإصلاحات مكلفة.

ولذلك، فإن إعادة سبيريت لهذه الطائرات قد تعكس رغبة الشركة في التخلص من الالتزامات التشغيلية المرتبطة بالمحركات المتأثرة، تمهيدًا لتبني أسطول أكثر استقرارًا وأقل تكلفة في الصيانة على المدى الطويل.

مستقبل سبيريت بعد إعادة الطائرات

تسعى سبيريت من خلال هذه الخطوة إلى تحسين مركزها المالي وتخفيض ديونها المتراكمة في ظل المنافسة الشديدة مع شركات النقل منخفضة التكلفة الأخرى داخل الولايات المتحدة.
ويتوقع خبراء أن تعيد الشركة تقييم خطط التوسع والأسطول بعد استكمال عملية إعادة الطائرات، وربما تتجه نحو تحديث الأسطول بطائرات جديدة من إيرباص أو بوينغ بشروط أفضل.

كما أن إعادة هيكلة عمليات التأجير ستمنح الشركة مساحة لإعادة التفاوض مع الموردين والممولين، مما قد يساعدها على استعادة جزء من قدرتها التشغيلية في السوق الأمريكي في غضون العامين المقبلين.

خطوة محفوفة بالمخاطر ولكنها ضرورية

يمكن وصف قرار سبيريت بإعادة أكثر من 100 طائرة بأنه تحرك جريء ومخاطرة محسوبة تهدف إلى استعادة التوازن المالي بعد فترة من التحديات التشغيلية والاقتصادية.
وفي الوقت الذي يراه البعض إشارة إلى أزمة داخلية، يرى آخرون أنه بداية مرحلة جديدة من إعادة الهيكلة قد تجعل الشركة أكثر كفاءة واستدامة على المدى الطويل.

وفي جميع الأحوال، تبقى هذه الخطوة من أكبر عمليات إعادة الطائرات في تاريخ شركات الطيران الأمريكية الحديثة، وستظل موضع متابعة دقيقة من قبل المحللين والمستثمرين خلال الأشهر المقبلة.


                                           
ads
ads
ads