رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

محمود عبدالحليم يكتب وماذا بعد: ترامب يتاجر بدم غزة من أجل نوبل العار؟؟

الإثنين 06/أكتوبر/2025 - 07:12 م
الحياة اليوم
طباعة

في مسرح العبث العالمي، حيث تُشترى المبادئ وتُباع المواقف، يستعد العالم لمشاهدة الفصل الأخير من مهزلة أخلاقية بطلها رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، فقبل أيام قليلة من إعلان جائزة نوبل للسلام، يرتدي ترامب قناع صانع السلام، ويطلق مبادرات زائفة لإنهاء الحرب في غزة، في محاولة يائسة لخداع العالم وانتزاع جائزة لطالما حلم بها ليدخل التاريخ من باب المجد الشخصي، لكن التاريخ لن يكتب سوى الحقيقة.. إنها ليست جائزة سلام، بل صفقة قذرة تُغسل فيها جرائم الحرب بماء الدبلوماسية الكاذبة، ويُشترى فيها المجد بدم أطفال غزة.
المسرحية الدامية: سلام ترامب المزعوم
يقدم الرئيس ترامب نفسه اليوم للعالم باعتباره المنقذ الوحيد القادر على وقف آلة القتل الإسرائيلية، لكن هذه البطولة المزعومة ليست سوى خدعة مفضوحة، مسرحية متقنة تهدف إلى تخدير الرأي العام العالمي والعربي قبيل العاشر من أكتوبر، فكل تصريح وكل مبادرة ليست إلا جزءاً من حملة علاقات عامة مدبرة، تهدف إلى إتمام صفقة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين ومنحه نصراً إعلامياً يكفي لإقناع لجنة نوبل في أوسلو.

إن هوس ترامب بالتفوق على سلفه باراك أوباما والحصول على الجائزة التي نالها، يدفعه اليوم إلى المتاجرة بأكثر القضايا دموية، إنه يعرض على العالم وهماً بالسلام، بينما في الخفاء، يواصل ضخ الأسلحة الفتاكة في شرايين الجيش الإسرائيلي، ويمنح بنيامين نتنياهو الضوء الأخضر لإكمال مهمته، السلام الذي يتحدث عنه ترامب ليس إلا هدنة مؤقتة، استراحة محارب لنتنياهو ليلتقط أنفاسه قبل أن يعاود الانقضاض على ما تبقى من غزة، بعد أن يكون ترامب قد حصل على صورته مع جائزة نوبل.
الشريك الكامل في الجريمة
لا يمكن فصل ترامب عن الجريمة المرتكبة في غزة، فهو ليس وسيطاً، بل شريك كامل فيها، إدارته هي من أمدّت إسرائيل بالصواريخ والقنابل التي دمرت المنازل فوق رؤوس ساكنيها، دعمه السياسي هو الذي وفر الغطاء لنتنياهو في المحافل الدولية ليفلت من العقاب، تهديداته لإيران ليست إلا خدمة لأجندة الحرب الإسرائيلية، يداه ملطختان بالدم الفلسطيني تماماً كيداي نتنياهو.

إن فكرة منحه جائزة نوبل للسلام هي إهانة مباشرة لكل ضحايا العدوان، كيف يمكن للعالم أن يكافئ مهندس الدعم العسكري والسياسي للحرب بجائزة مخصصة لصناع السلام؟ إنها شهادة وفاة رسمية لمصداقية جائزة نوبل، وتحويلها من رمز للأمل إلى أداة في يد الطغاة لتبييض جرائمهم، لو أراد ترامب وقف الحرب حقاً، لأوقف شحنات الأسلحة بقرار واحد، وانهار جيش الاحتلال في أيام، لكنه لا يريد السلام، بل يريد ثمنه: جائزة تضاف إلى قائمة ممتلكاته.

لكن مهما حاولوا تزييف الحقيقة، ومهما علت أصوات أبواقهم الإعلامية، فإن التاريخ هو الحكم الأخير الذي لا يقبل الرشوة...
سيكتب التاريخ، لا بحبرٍ يُمحى، بل بمدادٍ من دمٍ ودمعٍ ودهر، أن هناك من ثبتوا حين زلّت الأقدام، ومن صدقوا العهد حين نكثه العالم، ومن دافعوا عن شرف الأمة دفاع المستميت، لا يطلبون جزاءً ولا شكورًا.
وسيكتب، في الصفحة ذاتها، أسماء من خانوا وغدروا، ومن باعوا الأرض والعهد بثمنٍ بخس، ومن تواطؤوا على الدم، وصمتوا عن الجريمة، ووقفوا على الحياد حين كان الحياد خيانة.

سيحفظ التاريخ أن غزة، هذا الشريط المحاصر بالجراح، خاضت أعظم مقاومة في القرن الحادي والعشرين، مقاومة بأيدٍ مكبّلة وقلوب لا تلين، وتعرضت لأبشع جريمة إبادة وتهجير وتجويع وقتل، تحت سمع العالم وبصره، دون أن يتحرك ضمير، أو ينتفض قانون.
ومع ذلك، كانوا كما وعدوا:
﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وما بدلوا تبديلا.
                                           
ads
ads
ads