هاوايَن إيرلاينز تودّع السماء بعد 95 عامًا من التحليق قبل اندماجها مع ألاسكا إيرلاينز

في مشهد يملؤه الحنين والتاريخ، تستعد شركة Hawaiian Airlines – هاوايَن إيرلاينز لتوديع جمهورها ومحبيها بعد 95 عامًا من التحليق المستقل، حيث ستنطلق الرحلة رقم HA866 في 29 أكتوبر 2025 لتكون الرحلة الأخيرة في سجل الشركة قبل اندماجها رسميًا مع شركة Alaska Airlines – ألاسكا إيرلاينز، في خطوة ستُعيد رسم خريطة الطيران الأمريكي وتوحّد أحد أقدم رموز النقل الجوي في المحيط الهادئ مع واحدة من أكبر الشركات في الساحل الغربي للولايات المتحدة.
بداية الحكاية: من "Inter-Island Airways" إلى رمز الضيافة الهاوايية
بدأت قصة هاوايَن إيرلاينز عام 1929 تحت اسم Inter-Island Airways، لتكون أول شركة طيران تربط جزر هاواي ببعضها البعض. ومع مرور الزمن، توسعت الشركة وأصبحت جسرًا جويًا يربط هاواي بالعالم، لتتحول لاحقًا إلى Hawaiian Airlines في عام 1941، وهو الاسم الذي حملته بكل فخر حتى اليوم.
تميزت الشركة بأسلوبها الفريد الذي يجمع بين الاحترافية والدفء الإنساني، حيث عُرفت بضيافتها الودودة المستوحاة من ثقافة "الألوها" – رمز الحب والسلام في جزر هاواي.
كما اشتهرت بزي طواقمها الملوّن والمستوحى من الزهور الاستوائية، وأجواء الرحلات التي تنبض بالموسيقى الهادئة والروائح العطرية الطبيعية، لتجعل كل رحلة تجربة ثقافية قبل أن تكون مجرد تنقّل جوي.
عقدٌ جديد من الاندماج: تفاصيل صفقة التاريخ
يُعد اندماج Hawaiian Airlines مع Alaska Airlines واحدة من أبرز صفقات الطيران في عام 2025.
وتأتي هذه الخطوة بعد موافقات تنظيمية أمريكية شاملة، تهدف إلى خلق شبكة طيران موحّدة تغطي أكثر من 138 وجهة حول العالم، وتوفر تجربة سفر متكاملة للمسافرين المحليين والدوليين.
ووفقًا للصفقة، ستُدمج العلامة التجارية لشركة هاوايَن بالكامل داخل منظومة ألاسكا إيرلاينز، مع الحفاظ على هوية "الألوها" في خدمات الضيافة ورموز الثقافة المحلية التي ميزت الشركة منذ نشأتها.
سيتم أيضًا دمج برامج الولاء بين الشركتين، بحيث يستفيد العملاء من نقاط السفر والترقيات المشتركة ضمن برنامج Mileage Plan التابع لـ Alaska Airlines.
إرثٌ لا يُنسى: 95 عامًا من الطيران فوق المحيط الهادئ
على مدار ما يقرب من قرنٍ كامل، حملت هاوايَن إيرلاينز على أجنحتها قصصًا لا تُعد ولا تُحصى من الرحلات والعائلات والسياح والمقيمين، حيث كانت الناقل الرئيسي بين جزر هاواي والبرّ الأمريكي، إضافة إلى تشغيلها رحلات طويلة إلى اليابان، كوريا الجنوبية، نيوزيلندا، أستراليا، وكندا.
وخلال تلك العقود، حافظت الشركة على سجل سلامة متميّز جعلها من بين أكثر شركات الطيران أمانًا في العالم، فضلًا عن تصدّرها القوائم الأمريكية في دقة مواعيد الرحلات وجودة الخدمة.
لم تكن مجرد شركة نقل جوي، بل كانت سفيرةً ثقافيةً تنشر روح "هاواي" في كل مطار تصل إليه، وتجعل من كل رحلة احتفالًا صغيرًا بالهوية والجمال الطبيعي للمحيط الهادئ.
الفوائد والفرص بعد الاندماج
مع اندماجها في Alaska Airlines، ستنضم هاوايَن إلى تحالف oneworld العالمي، مما يمنح المسافرين مزايا إضافية تشمل الوصول إلى أكثر من 900 وجهة حول العالم عبر شركاء التحالف.
وسيؤدي هذا الدمج إلى توسيع شبكة النقل الجوي الأمريكية، وتعزيز الرحلات العابرة للمحيط الهادئ، ودعم السياحة إلى هاواي، مع توفير خيارات جديدة للسفر إلى آسيا وأستراليا.
كذلك، من المتوقع أن تسهم الصفقة في تحسين الكفاءة التشغيلية من خلال توحيد الأسطول وتطوير خدمات الترفيه والضيافة الجوية.
وداع مؤثر.. وذاكرة باقية
في 29 أكتوبر، عندما تقلع الرحلة HA866، لن تكون مجرد رحلة اعتيادية، بل صفحة ختامية لتاريخ امتدّ 95 عامًا من التميز الجوي.
سيودّع موظفو الشركة ومحبوها هذا الاسم الذي حمل رائحة الجزر الاستوائية وروح "الألوها"، لكن إرثها سيبقى حاضرًا داخل كل رحلة تُسيّرها ألاسكا إيرلاينز من وإلى هاواي.
فبينما تُطوى صفحة "Hawaiian Airlines" ككيان مستقل، فإنها تترك وراءها إرثًا خالدًا في ذاكرة الطيران العالمي، حيث كانت الشركة رمزًا للضيافة والهوية والثقافة المحلية، وجسرًا جمع بين الطبيعة والسماء على مدى قرن من الزمن.
المستقبل بعد الوداع
تؤكد Alaska Airlines أنها ستحافظ على الطابع الثقافي المميز لهاوايَن داخل رحلاتها الجديدة من خلال دمج عناصر الضيافة والموسيقى والأزياء التقليدية في تجربة السفر، تكريمًا للإرث الطويل الذي تركته الشركة.
كما تخطط الشركة المندمجة لتوسيع عملياتها في المحيط الهادئ وإضافة مسارات جديدة إلى آسيا وجزر المحيط الجنوبي، مع التركيز على الاستدامة البيئية وتقليل الانبعاثات الكربونية ضمن خطتها حتى عام 2040.
رحلة HA866 لن تكون مجرد رقم في سجل الرحلات، بل رمزًا لعصرٍ كامل من الطيران الهادئ والمفعم بالدفء الإنساني، ورغم أن اسم "هاوايَن إيرلاينز" سيتوارى رسميًا، إلا أن روحها ستبقى نابضة في ذاكرة الطيارين والمسافرين وكل من عاش تجربة "الألوها" على متنها، حيث أنها نهاية حقبة وبداية فصلٍ جديد في عالم الطيران الأمريكي، حيث تلتقي روح الجزر بعراقة الشمال في سماء واحدة.