حريق بطارية ليثيوم يُشعل طائرة "الخطوط الجوية الصينية" أثناء الرحلة CA139

شهدت الأجواء الصينية حادثًا خطيرًا كاد يتحول إلى كارثة جوية، بعدما اندلع حريق في صندوق الأمتعة العلوي داخل إحدى الطائرات التابعة لشركة الخطوط الجوية الصينية (Air China) أثناء رحلتها رقم CA139 المتجهة من هانغتشو إلى سيول، على متن طائرة من طراز إيرباص A321.
وفقًا لتقارير هيئة الطيران المدني الصينية، بدأ الحادث عندما لاحظ أحد الركاب تصاعد دخان كثيف من صندوق الأمتعة العلوي في منتصف المقصورة بعد حوالي 30 دقيقة من الإقلاع. سرعان ما سارع طاقم الضيافة إلى فتح الصندوق لتتضح الصدمة: بطارية ليثيوم في إحدى الحقائب اليدوية اشتعلت ذاتيًا، مسببة شرارات وحريقًا محدودًا.
وأفاد الركاب أن الطاقم تعامل مع الموقف بسرعة وكفاءة، حيث استخدموا طفايات الحريق الخاصة بالطائرات وأغطية الحريق المقاومة للحرارة لعزل الحقيبة المشتعلة ومنع انتشار اللهب أو الدخان إلى باقي المقصورة.
ونتيجة للحادث، قرر قائد الرحلة تحويل الطائرة إلى مطار شنغهاي بودونغ الدولي كإجراء احترازي، حفاظًا على سلامة الركاب والطائرة.
وأعلنت إدارة الطيران المدني في الصين (CAAC) أن الطائرة هبطت بسلام بعد نحو 25 دقيقة من اكتشاف الحريق، دون وقوع أي إصابات بين الركاب أو الطاقم.
عقب الهبوط، تم إخلاء الطائرة بشكل منظم وسريع، فيما خضعت الحقيبة المشتعلة للفحص من قبل فرق التحقيق الفني وخبراء المتفجرات لتحديد سبب الاشتعال بدقة.
تشير التحقيقات الأولية إلى أن بطارية ليثيوم غير معتمدة كانت موضوعة داخل حقيبة راكب في المقصورة، ويُعتقد أنها سخنت تلقائيًا بسبب عيب في التصنيع أو الشحن الزائد قبل الرحلة.
بطاريات الليثيوم تُعد من أكثر العناصر حساسية في النقل الجوي، إذ يمكن أن تشتعل بشكل مفاجئ عند تعرضها للحرارة أو التلف، وهو ما يجعل منع شحن الأجهزة الإلكترونية في الحقائب المسجلة قاعدة أساسية في معظم شركات الطيران.
وتُعد هذه الواقعة تذكيرًا صارمًا بمخاطر نقل الأجهزة التي تحتوي على بطاريات ليثيوم دون مراعاة تعليمات السلامة. إذ تؤكد شركات الطيران حول العالم، بما في ذلك الخطوط الجوية الصينية، على ضرورة حمل البطاريات المنفصلة في المقصورة فقط، وعدم تركها داخل الحقائب في الأمتعة المسجلة.
وأشادت هيئة الطيران المدني الصينية بكفاءة طاقم الرحلة CA139، مشيرة إلى أن "تدخل الطاقم السريع واستخدامهم السليم لأدوات الطوارئ ساهم في السيطرة على الحريق خلال دقائق معدودة".
وأوضحت أن التدريب المستمر الذي يتلقاه طاقم الطيران على التعامل مع حرائق المقصورة كان له دور حاسم في تفادي كارثة جوية محتملة فوق البحر الشرقي.
أكدت شركة Air China في بيان رسمي أن الطائرة من طراز Airbus A321-200 خضعت للفحص الفني الكامل بعد الهبوط، وتمت إزالة الأجزاء المتضررة من المقصورة، كما تم إرسال تقرير أولي إلى الهيئة الوطنية لسلامة الطيران (CAAC) بالتعاون مع شركة إيرباص الأوروبية.
كما ذكرت الشركة أن الحادث لن يؤثر على جدول رحلاتها، مشددة على أن "سلامة الركاب والطاقم تأتي في مقدمة أولوياتها"، وأنها ستواصل الالتزام الصارم بإجراءات نقل المواد الخطرة على متن الرحلات الجوية.
يُذكر أن بطاريات الليثيوم تسببت في حوادث سابقة في عالم الطيران، من أبرزها الحريق الذي اندلع على متن طائرة بوينغ 787 "دريملاينر" التابعة لشركة اليابان للطيران (JAL) عام 2013، والذي أدى إلى إعادة تقييم عالمية لقواعد نقل البطاريات.
كما شهد عام 2022 حادثًا مشابهًا على متن طائرة تابعة لشركة Delta Air Lines في الولايات المتحدة، بعد اشتعال بطارية داخل حقيبة راكب في المقصورة.
وقد دفعت هذه الحوادث المتكررة منظمة إيكاو (ICAO) إلى تشديد لوائح نقل بطاريات الليثيوم في الأمتعة الجوية.
رغم خطورة الحادث، إلا أن الأداء الاحترافي للطاقم وتطبيقهم السريع لإجراءات الطوارئ حال دون وقوع مأساة حقيقية. وتُعد هذه الواقعة مثالًا واضحًا على أهمية التدريب المستمر للعاملين في الطيران المدني، والتزام الركاب بالتعليمات الخاصة بنقل الأجهزة الإلكترونية وبطارياتها.
من جانبها، تواصل هيئة CAAC التحقيق بالتعاون مع الشركة المصنعة للطائرة وشركة الخطوط الجوية الصينية لتحديد الأسباب النهائية للحريق، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا.