عودة الطائرات المدنية إلى سماء الخرطوم.. بداية جديدة للطيران السوداني بعد عامين من التوقف

في مشهد طال انتظاره، عادت الطائرات المدنية إلى التحليق في سماء العاصمة السودانية الخرطوم، بعد توقف دام نحو عامين كاملين، حيث استقبل مطار الخرطوم الدولي أول طائرة مدنية تابعة لشركة بدر للطيران يوم الجمعة الماضي الموافق 18 أكتوبر، في حدث يُعدّ بمثابة انطلاقة جديدة لقطاع الطيران في السودان وخطوة رمزية لاستعادة الحياة الطبيعية في البلاد.
الرحلة الافتتاحية التي قامت بتشغيلها شركة بدر للطيران بطائرة من طراز بوينغ B737، لاقت ترحيبًا واسعًا من العاملين في قطاع الطيران والمواطنين السودانيين الذين اعتبروا عودة الحركة الجوية خطوة نحو الاستقرار والانفتاح من جديد على العالم.
إعادة فتح المطار بعد اكتمال أعمال الصيانة والتأهيل
جاءت عودة النشاط الجوي بعد جهود مكثفة من السلطات السودانية لإعادة تأهيل مطار الخرطوم الدولي الذي تضرر بشكل كبير خلال فترة توقفه عن العمل بسبب الظروف الأمنية والاقتصادية التي مرت بها البلاد.
وشملت أعمال الصيانة تطوير المدرجات وإعادة تشغيل أنظمة المراقبة الجوية والإضاءة والاتصالات، إلى جانب تحديث صالات الركاب وتحسين البنية التحتية لضمان التشغيل الآمن والفعّال.
وأكدت مصادر مسؤولة في هيئة الطيران المدني السودانية أن المطار بات جاهزًا بالكامل لاستقبال الرحلات الداخلية والدولية، مع الالتزام التام بمعايير السلامة والأمن المعتمدة دوليًا.
بدر للطيران تُعيد الحياة إلى أجواء السودان
تُعد شركة بدر للطيران واحدة من الشركات الوطنية الرائدة في مجال النقل الجوي، وقد كانت السباقة في استئناف أولى الرحلات المدنية إلى الخرطوم بعد فترة الانقطاع.
وشكّل هبوط أولى طائراتها في المطار حدثًا رمزيًا يعكس ثقة شركات الطيران في قدرة السودان على استعادة نشاطه الجوي، ويمهد الطريق أمام شركات أخرى لإعادة تشغيل رحلاتها تدريجيًا.
وأشار مسؤولون في الشركة إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار التزام بدر للطيران بدعم جهود الدولة في إعادة تنشيط الاقتصاد الوطني وفتح آفاق جديدة للتواصل التجاري والسياحي بين السودان ودول الجوار.
أهمية الحدث اقتصاديًا وإنسانيًا
لا تقتصر أهمية إعادة تشغيل مطار الخرطوم على الجانب التقني أو الملاحي فقط، بل تمتد لتشمل أبعادًا اقتصادية وإنسانية مهمة، إذ يُعتبر المطار شريانًا حيويًا يربط العاصمة بالعالم الخارجي.
ومن المتوقع أن تُسهم عودة الحركة الجوية في إنعاش قطاعات عدة مثل السياحة، والتجارة، والنقل اللوجستي، والاستثمار، فضلًا عن تخفيف الأعباء عن المواطنين الذين اضطروا للسفر عبر مطارات خارجية في الفترة الماضية.
كما تمثل الخطوة رسالة أمل للمغتربين السودانيين حول العالم، إذ تسهّل عليهم التواصل مع ذويهم وبلادهم بعد فترة انقطاع طويلة.
خطط مستقبلية لتطوير المطار ورفع كفاءته
وفقًا لتصريحات هيئة الطيران المدني، فإن المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذ خطة تطوير شاملة تشمل توسيع مطار الخرطوم الدولي وتحسين قدرته الاستيعابية لتواكب المعايير الدولية، مع التركيز على الجوانب التقنية والبيئية لضمان تشغيل مستدام وآمن.
وتدرس السلطات أيضًا فتح المجال أمام شراكات مع شركات عالمية لتطوير البنية التحتية وتقديم خدمات حديثة للمسافرين، بما يعزز من مكانة المطار كمركز إقليمي مهم في القارة الأفريقية.
عودة تدريجية للرحلات الدولية
من المنتظر أن تتوالى خلال الأسابيع المقبلة عودة عدد من شركات الطيران الإقليمية والدولية إلى مطار الخرطوم، بعد تقييم الأوضاع الفنية والأمنية، مما سيعيد تنشيط حركة النقل الجوي بشكل كامل في السودان.
وأكدت مصادر في قطاع الطيران أن الخطوط الجوية الإثيوبية والمصرية وعددًا من الشركات العربية والأفريقية تتابع التطورات عن كثب استعدادًا لاستئناف رحلاتها قريبًا، وهو ما سيُعيد للمطار مكانته كأحد أهم الموانئ الجوية في المنطقة.
ترحيب واسع من المواطنين والقطاع الجوي
لقيت أنباء إعادة فتح المطار صدى واسعًا في الشارع السوداني وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثيرون عن تفاؤلهم بعودة النشاط الجوي كرمز للأمل والاستقرار بعد فترة طويلة من التحديات.
كما أشاد خبراء الطيران بهذه الخطوة، معتبرين أن نجاح السودان في إعادة تشغيل المطار بعد عامين من الإغلاق يُعد إنجازًا هندسيًا وتنظيميًا يستحق التقدير، ويؤكد قدرة الكوادر الوطنية على تجاوز الصعاب.
نحو أفق جديد للطيران السوداني
ختامًا، تمثل عودة الطيران المدني إلى مطار الخرطوم الدولي بداية مرحلة جديدة للطيران السوداني، وخطوة مهمة في مسار إعادة بناء قطاع النقل الجوي في البلاد.
ومع استمرار الدعم الحكومي والتعاون بين الجهات المعنية، يُتوقع أن يستعيد السودان مكانته تدريجيًا كمركز حيوي لحركة الطيران في أفريقيا والمنطقة العربية، خاصة مع الجهود الجارية لتحديث البنية التحتية وتطبيق معايير السلامة العالمية.