إيرباص تعيد إحياء مشروع A350-2000 وتستعد لمواجهة بوينغ في سباق الطائرات العملاقة
في ظل المنافسة المتصاعدة بين عملاقي صناعة الطيران في العالم، إيرباص وبوينغ، عاد الحديث مجددًا عن احتمال دخول سوق الطائرات فائقة السعة مرحلة جديدة من التطوير، بعدما كشف كريستيان شيرر، الرئيس التنفيذي لقطاع الطائرات التجارية في إيرباص، عن أن الشركة الأوروبية تدرس بجدية تطوير نسخة أكبر من عائلة A350، في خطوة قد تعيد رسم ملامح سوق الطائرات طويلة المدى خلال العقد المقبل.
عودة النقاش حول “A350-2000”
تصريحات شيرر جاءت في توقيت دقيق، وبعد فترة قصيرة من إعلان بوينغ دراسة إطلاق نسخة مطوّلة من طائرتها العملاقة 777X، وذلك عقب النجاح الكبير الذي حققته الشركة الأمريكية في اليوم الأول من معرض دبي للطيران 2025، حيث أبرمت صفقة ضخمة باعت 65 طائرة من طراز 777X إلى طيران الإمارات، لتثبت أن الطلب على الطائرات عريضة البدن لا يزال قويًا رغم التحديات التشغيلية والاقتصادية.
وتشير المصادر داخل القطاع إلى أن إيرباص كانت قد درست في السابق مشروعًا لطائرة أكبر ضمن عائلة A350، تحت اسم A350-2000. وكانت الفكرة تتركز على تصميم طائرة بقدرة استيعابية تتجاوز 400 مقعد، لمنافسة مباشرة للطائرة الأمريكية بوينغ 777-9، والتي تعد اليوم أكبر طائرة ركاب ثنائية المحرك في السوق.
وبحسب محللين في صناعة الطيران، فإن إعادة فتح ملف A350-2000 يعكس رغبة إيرباص في الحفاظ على موقعها التنافسي في سوق الطائرات العريضة، خاصة في ظل الطلب المتزايد من شركات الطيران الخليجية والآسيوية على الطائرات طويلة المدى ذات القدرة الاستيعابية الكبيرة.
بوينغ تضغط على السوق.. وإيرباص تراقب
إعلان بوينغ إعادة النظر في نسخة أكبر من 777X—والتي كانت تُعرف سابقًا باسم 777-10X—شكّل ضغطًا واضحًا على إيرباص، خصوصًا بعد أن أثبتت الإمارات والعديد من الشركات الكبرى اهتمامها المستمر بالطائرات العملاقة.
ويرى خبراء أن نجاح بوينغ في توقيع صفقة كبيرة في دبي أعاد الحياة إلى مشروع 777X الذي عانى من تأجيلات متكررة وبرنامج اختبارات ممتد، ما دفع الشركة الأمريكية إلى التفكير مجددًا في زيادة سعة الطائرة لتلبية الطلب المستقبلي على الرحلات الطويلة ذات الكثافة العالية.
إزاء ذلك، تدرس إيرباص خيارات متعددة، أبرزها:
- زيادة طول البدن لاستيعاب مقاعد إضافية
- تعزيز القوة الدافعة للمحركات لتلائم الوزن الأكبر
- تحسين الديناميكا الهوائية لتقليل استهلاك الوقود
- الاستفادة من المواد المركبة المستخدمة في A350 الحالية لتوفير كفاءة تشغيلية أعلى
سوق ينتظر قرارًا استراتيجيًا
وفي الوقت الحالي، لا تزال إيرباص في مرحلة "الاستكشاف" — على حد وصف شيرر — لكن تصريحات رئيس قسم الطائرات التجارية أعطت إشارة واضحة بأن الشركة الأوروبية لا تستبعد إطلاق طائرة جديدة شديدة التنافسية إذا أظهر السوق طلبًا كافيًا.
ويرى مراقبون أن أي تحرك جديد من إيرباص قد يفتح الباب لسباق جديد في الطائرات فائقة السعة، شبيه بالسباق الذي شهدته الصناعة في العقد الأول من الألفية عندما تنافست A380 مع 747-8، لكن هذه المرة مع تركيز أكبر على الكفاءة التشغيلية وتقليل الانبعاثات وتلبية متطلبات شركات الطيران الاقتصادية.
ومع نجاح بوينغ في دبي، وضغوط شركات الطيران الكبرى التي تبحث عن طائرات ذات مدى أطول وسعة أكبر وكفاءة أفضل، قد تجد إيرباص نفسها مضطرة للإسراع في اتخاذ قرار نهائي بشأن A350-2000.
وفي انتظار ما ستسفر عنه الأشهر القادمة، يبدو واضحًا أن سوق الطائرات العريضة يستعد لدخول فصل جديد من المنافسة الشرسة بين إيرباص وبوينغ، في سباق لا يهدأ نحو الطائرة الأكثر كفاءة وقدرة على تلبية احتياجات الجيل القادم من السفر الجوي.