أقصر رحلة جوية تجارية في العالم: أقل من دقيقة بين ويستراي وبابا ويستراي

في عالم الطيران المليء بالرحلات العابرة للقارات والطائرات العملاقة، توجد رحلة فريدة من نوعها تصنَّف كأقصر رحلة جوية تجارية منتظمة في العالم،حيث أن هذه الرحلة تربط بين جزيرتي ويستراي وبابا ويستراي في أرخبيل جزر أوركني شمال أسكتلندا، وتقطع مسافة تبلغ نحو 2.7 كيلومتر فقط، أقل من طول بعض الشوارع في المدن الكبرى.

 ورغم أن مدتها المجدولة هي دقيقتان، إلا أنها غالبًا تُنجز في 53 إلى 58 ثانية عندما تكون الظروف الجوية مثالية.

رحلة قصيرة… لكنها ضرورية للسكان

تتولى شركة Loganair تشغيل هذا الخط الجوي باستخدام الطائرة الصغيرة Britten-Norman Islander، وهي طائرة ثنائية المحرك مخصصة للبيئات الريفية، وتستوعب ثمانية ركاب فقط. ورغم أن الرحلة قد تبدو مجرد “طرافة” لعشاق الطيران، إلا أنها تشكل خدمة أساسية للسكان المحليين. فالرحلة تساعد في:

• نقل الطلاب إلى المدارس أو البرامج التعليمية.

• تسهيل وصول السكان للخدمات الحكومية.

• نقل المرضى إلى المستشفيات أو العيادات الطبية.

• دعم التواصل بين الجزر المتباعدة جغرافيًا.

بهذه الوظائف الحيوية، تمثل الرحلة شريان حياة حقيقي لهذه المجتمعات الصغيرة التي تعتمد على النقل الجوي أكثر من غيرها.

تفاصيل تجعل الرحلة الأكثر شهرة عالميًا

على الرغم من قصر مدتها، تحمل الرحلة العديد من التفاصيل اللطيفة التي جعلتها مشهورة عالميًا:

• تسجيل السفر قبل ساعتين: ورغم أن زمن الرحلة أقل من دقيقة، يُطلب من المسافرين التواجد مبكرًا كما لو كانوا يستعدون لرحلة دولية.

• شرح إجراءات الطوارئ: يتم تقديم الشرح المعتاد، بما في ذلك جملة “في حالة الهبوط على الماء…” رغم أن الطائرة بالكاد تصل إلى ارتفاع يسمح بإتمام الجملة.

• خدمة خفيفة جدًا: يحصل الركاب في بعض الأحيان على قطعة “بريزل” أو وجبة صغيرة رمزية… لكن عليك تناولها سريعًا قبل الهبوط.

• قائد الطائرة: بعض الطيارين يمتلكون أكثر من 30 عامًا من الخبرة، لكن مجموع ساعات طيرانهم على هذا الخط المتناهي الصغر قد لا يتجاوز 45 ساعة فقط على مدى سنوات.

هذه التفاصيل منحت الرحلة شهرتها العالمية، وجعلتها هدفًا للسياح ومحبي الطيران القادمين من مختلف الدول لتجربة هذه الدقيقة الأسطورية في السماء.

لماذا تستمر هذه الرحلة رغم التطور الكبير في الطيران؟

قد يتساءل البعض عن سبب استمرار هذه الخدمة القصيرة في عصر الطائرات الحديثة، إلا أن الأسباب واضحة:

• نقص البنية التحتية البرية: الجزر مفصولة بمياه باردة وصعبة في بعض الفصول.

• الطقس القاسي: يجعل النقل البحري غير مستقر طوال العام.

• تكلفة الطرق أو الجسور: إنشاء بنى ربط أرضية بين الجزر غير عملي اقتصاديًا.

• أهمية الخدمة للمجتمع المحلي: الرحلة ليست ترفيهًا، بل وسيلة نقل أساسية يعتمد عليها السكان يوميًا.

تجربة فريدة لعشاق الطيران

بالنسبة للكثيرين، تعتبر الرحلة من ويستراي إلى بابا ويستراي تجربة لا تعوض. فالمسافة القصيرة، والمناظر الطبيعية، وصغر حجم الطائرة، والتاريخ العريق للخط يجعله وجهة سياحية بحد ذاته، كما  إنها فرصة لرؤية كيف يمكن للطيران أن يخدم أصغر المجتمعات، وكيف يمكن لدقيقة واحدة أن تختصر قصة كاملة عن الابتكار والاحتياج والإنسان.