رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

جولدمان ساكس: 5 أسباب تعزز استمرار قوة الجنيه المصرى فى 2022

الخميس 27/يناير/2022 - 09:47 م
جولدمان ساكس
جولدمان ساكس
محمد جمعة
طباعة
توقعت مؤسسة جولدمان ساكس الامريكية استمرار قوة وصمود الجنيه المصرى أمام الدولار والعملات الرئيسية خلال العام الحالى 2022، وعدم حدوث انخفاضات كبيرة للعملة المصرية على المدى القريب رغم التحديات القوية التى تواجهها الاقتصادات الناشئة مع بقاء تداعيات جائحة كورونا.

وذكرت جولدمان ساكس فى تقرير لها حول اقتصادات مناطق وسط أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا تلقت وكالة أنباء الشرق الأوسط نسخة منه أن القلق إزاء العملة المصرية خلال هذا العام، مبالغ فيه لخمسة أسباب، أبرزها أن الإحتياطيات الدولية من النقد الأجنبى لدى البنك المركزى المصرى كافية للحفاظ على الجنيه عند المستويات الحالية، كما أن التوقعات المستقبلية للقطاع الخارجى تتحسن بشكل مستقل عن أى تغيرات فى أسعار الصرف.

وأضافت أن الفوائد التى قد تعود على الحساب الجارى من أى إنخفاض فى العملة ستكون محدودة، بينما التكاليف المحتملة للتقلبات الكبيرة فى أسعار الصرف يمكن أن تكون ضخمة، مؤكدة أن إنخفاض قيمة العملات ليس مرغوبًا فيه ولا حتميًا على المدى القريب، كما أن الفارق بين سعر الجنيه وقيمته العادلة يعد متواضعا.

وأشارت جولدمان ساكس إلى أن الإقتصاد المصرى فى حاجة كبيرة إلى عوائد السياحة، وتدفقات التحويلات المالية للمصريين العاملين بالخارج، كما يعتمد على التمويل من خلال أدوات الدين قصيرة الأجل، ويعنى هذا الأمر أن معدلات الفائدة بالعملة المحلية ستظل مرتفعة، ما قد يكون له تأثير على الاستثمار ومعدلات النمو والمالية العامة، ويؤكد الحاجة إلى تدخل السلطات لإنجاز تقدم وتطورات فورية فى الإصلاح الهيكلى، وهو البرنامج الذى يجرى تنفيذه بمشاركة صندوق النقد الدولى.

ورأت أن التأخر فى معالجة المشكلات الهيكلية من شأنه أن يزيد الضغوط التى يتعرض لها الجنيه المصرى على المديين المتوسط والطويل، رغم أن ديناميكيات الحساب الجارى تبدو جيدة على المدى القصير، مشيرة فى الوقت نفسه إلى أن هناك حدود لحجم الديون، وتدفقات المحافظ الاستثمارية التى يمكن لمصر أن تعتمد عليها فى توفير متطلبات التمويل الخارجى.

ويعد جولدمان ساكس أكبر بنك إستثنمار لرؤوس الأموال فى العالم، ويعمل فى مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، وإدارة الأصول والثروات وخدمات الإندماج والاستحواذ والتأمين والوساطة المالية للشركات والحكومات، بما يجعله أكبر مؤسسة خدمات مالية متعددة الجنسيات ويعمل فى أكثر من 40 دولة موظف، ويدير أصولا بأكثر من تريليون دولار. 

ونوهت المؤسسة البريطانية بأن الأصول المصرية ذات المخاطر تعرضت لبعض الضغوط منذ الربع الرابع من العام الماضى، ما أدى ارتفاع عائدات السندات المصرية، وحدوث بعض التراجع فى استثمارات المحافظ الأجنبية من نحو 33 مليار دولار فى الصيف الماضى، إلى ما يقرب من 25 مليار دولار فى نهاية العام، ولكن سرعان ما عادت شهية المستثمرين الأجانب تجاه أدوات الدين المصرية وبقوة مع بداية هذا العام 2022، يتزامن ذلك مع قوة الدفع المتوقعة من إدراج الديون المصرية بمؤشر مورجان ستانلى لسندات الأسواق الناشئة فى الربع الأول من هذا العام والتى سيكون له أثرا إيجابيا على جاذبية الأجانب لأدوات الدين المصرية.

وحول القيمة العادلة للجنيه المصرى، قالت جولدمان ساكس إنه وفقا لنموذج GSDEER الذى يستعرض القيم العادلة طويلة الأجل للعملات بإستخدام الفروق فى أسعار المستهلك وأحوال التجارة والإنتاجية كمدخلات، فإن الفارق بين سعر الجنيه الحالى وقيمته العادلة يعتبر متواضعا، خاصة إذا ما قارناه بالأحداث التاريخية التى سبقت تحرير سعر الصرف عام 2016 والتى كان يتداول فيها الجنيه المصرى بنسبة 40% أعلى من قيمته العادلة.


وذكرت أن التوقعات لفروق التضخم والتى تعد محركا رئيسيا لأسعار الصرف،ترجح أنها ستبقى منخفضة، وأن مؤشر أسعار المستهلكين فى مصر سيظل فى نطاق 5- 6% فى عام 2022، مع استقرار الفارق مع مؤشر أسعار المستهلكين العالمى عند حوالى 2% -3%، وهو ما يقل عن المتوسط التاريخى، فضلا عن استمرار توخى الحذر بشأن قوة الدولار الأمريكى والذى يجرى تداوله بأعلى من قيمته بأكثر من 10%، وقد يؤدى الغاء الدعم الذى يتلقاه الدولار إلى ضغط هبوطى على المدى القريب للعملة الأمريكية.

وأكدت جولدمان ساكس أن قدرة السلطات المصرية فى الحفاظ على العملة المحلية عند المستويات الحالية، يعد أكبر دلالة على مدى قدرة احتياطيات العملات الأجنبية المتاحة لدى مصر على التعامل مع نقص التمويل الخارجى لعجز الحساب الجارى، بل وامتصاص المزيد من النقص المؤقت فى التمويل على المدى القريب، رغم الضغوط التى واجهتها الأصول الأجنبية للقطاع المصرفى المصرى فى العام الماضى.

وقالت المؤسسة الامريكية إن (إجمالى) إحتياطيات البنك المركزى المصرى، على وجه الخصوص يبقى قويا ومستقرا، حيث يقدر حاليا بما يقرب من 60 مليار دولار، يشمل الاحتياطيات الأولية والتى تقدر بحوالى 41 مليار دولارا، بالإضافة إلى أصول العملات الأجنبية للبنك المركزى المصرى غير المدرجة فى أرقام الاحتياطى الرسمى، مشيرة إلى أن هذا المستوى من الاحتياطيات الدولية يعد جيداً مقابل إجمالى متطلبات التمويل الخارجى البالغة حوالى 31 مليار دولار للسنة المالية الحالية، كما أنها تزيد عن ضعف المخزون باستثمارات المحافظ فى السوق المحلية، مما يوفر دعامة قوية أمام أية تدفقات خارجة.

ونوهت جولدمان ساكس بأن طبيعة إلتزامات البنك المركزى المصرى من العوامل المهمة التى يجب وضعها فى الحسبان، حيث تمثل ودائع دول مجلس التعاون الخليجى الغالبية العظمى منها، والتى من المرجح أن يتم تجديدها طالما كان هناك حاجة ذلك، فيما تشكل إلتزامات صندوق النقد الدولى، جزءا كبيرا من الإلتزامات المتبقية، وهو ما يمنح طبيعة مستقرة وطويلة الأجل ويجعل هذه الالتزامات لا تشكل ضغوطا حالية.

وأكدت جولدمان ساكس قدرة النظام المصرفى المصرى على استيعاب الدين المحلى فى حالة حدوث موجات بيعية من قبل مستثمرى المحافظ الأجنبية، وقد ثبت أن هذه القدرة كانت وافرة فى الموجات السابقة من عمليات البيع من قبل المستثمرين الأجانب، حيث تصل التقديرات إلى أن البنوك المحلية لديها حاليًا القدرة على تحمل حوالى 40 مليار دولار من الديون الحكومية الإضافية.
وأشارت إلى أن أحد العوامل المهمة فى ترجيح التوقعات بعدم حدوث انخفاض على المدى القريب للجنيه المصرى،يتمثل فى التوقعات بتراجع الضغوط على النقد الأجنبى، وذلك نتيجة تعافى قطاع السياحة والتى قد تصل إلى عائداته إلى 10 مليارات دولار فى السنة المالية 2021/2022، أى حوالى ضعف ما كانت عليه العام الماضى، وهذا من شأنه أن يؤدى إلى تقليص كبير فى عجز الحساب الجارى، ليصل إلى حوالى 3% من الناتج المحلى الإجمالى للسنة المالية 2021/2022، بدلا من 4.6% من الناتج المحلى الإجمالى فى السنة المالية 2020/2021.
كما أشارت إلى أن إرتفاع أسعار النفط والغاز قد يؤثر إيجابيا على التدفقات النقدية الأجنبية حيث أن مصر تقوم تصدير الغاز الطبيعى المسال، كما أن لديها فائضا نفطيا إيجابيا يتم تصديره أيضا، ومن المرجح أن يتيح إرتفاع أسعار النفط والغاز بعض الدعم لتقليص عجز الميزان التجارى فى العام المقبل، فضلا عن الإرتفاع المتوقع لعائدات قناة السويس وزيادة الاستثمار الداخلى من قبل دول مجلس التعاون الخليجى، وزيادة تحويلات العاملين المصريين المقيمين فى دول مجلس التعاون الخليجى.
ورأت جولدمان ساكس إنه إذا ما سمحت السلطات المصرية للعملة المحلية الجنيه بالانخفاض، فإن ذلك سيؤثر على التضخم المحلى بمعدل قد يصل إلى 4 نقاط مئوية، فضلا عن عودة مخاطر الدولرة، مشيرة إلى أن قوة الجنيه تعد بمثابة علامة هامة على قوة الاقتصاد ونجاحه.
ولفتت إلى أنه يجب على السلطات المصرية الاستمرار فى الإسراع بالإصلاحات الهيكلية وتحسين بيئة الإستثمار والعمل على زيادة الإبتكار والإنتاجية، ومساعدة قطاع التصدير على جذب الاستثمارات على المدى الطويل، والقضاء على العقبات التجارية غير الجمركية ورفع كفاءة قطاع التصنيع المحلى والبنية التحتية للتصدير لتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وأشارت جولدمان ساكس إلى أن مصر تملك فرصة ذهبية فى ظل إعادة الهيكلة الإقليمية المحتملة لسلاسل التوريد العالمية، بعد وباء كورونا، وهو ما يستوجب إغتنامها من خلال تعزيز بيئة الاستثمار المحلى الذى سيؤدى إلى مزيد من تدفقات الاستثمار الأجنبى المباشر الى الداخل، وتحسين مزيج التمويل وتقليل اعتماد مصر على الديون قصيرة الأجل وذلك تجنبا لأية مشكلات هيكلية من شأنها أن تزيد الضغوط على العملة المحلية المديين المتوسط والطويل.
                                           
ads
ads
ads