9 سنوات من التنصت على حزب الله.. مفاجأة إسرائيلية بشأن تفجيرات البيجر في لبنان
لا تزال عملية تفجيرات أجهزة النداء الخاصة بحزب الله اللبناني البيجر، تحظى باهتمام دولي وعربي بمختلف المستويات، كونها تمثل واحدة من أبزر العمليات الاستخبارية تعقيدًا وتطورًا التي جرت على مدار السنوات الماضية ما بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة خاصة حزب الله اللبناني، الذي يعد أحد أكبر تلك الفصائل إلى جانب حركة حماس في قطاع غزة.
صحيفة واشنطن بوست كشفت في تفاصيل جديد بشأن تلك العملية، أن خطة تفجيرات البيجر استمرت لسنوات في مقر الموساد في تل أبيب، وشارك فيها في النهاية مجموعة من العملاء والمتواطئين غير المتعمدين في بلدان متعددة، وهي العملية التي تعد عملًا تجسسيًا ضخمًا في السنوات الماضية.
وبحسب مسؤولين إسرائيليين وأمريكيين مطلعين على الأحداث، أشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أن فكرة عملية أجهزة البيجر نشأت في عام 2022، وبدأت أجزاء من الخطة تتبلور قبل أكثر من عام من هجوم طوفان الأقصى، وأن الموساد الإسرائيلي عمل لسنوات على اختراق حزب الله من خلال المراقبة الإلكترونية والمخبرين البشريين.
وتابعت أن مسؤولي حزب الله بدأوا في البحث عن شبكات إلكترونية مقاومة للاختراق لنقل الرسائل، وتوصل الموساد إلى حيلتين من شأنهما أن يدفعا الجماعة المسلحة إلى شراء أجهزة تبدو مثالية لهذه المهمة، منوهة، نقلا عن مسؤولين، بأن الجزء الأول من الخطة تمثل في إدخال أجهزة اتصال مفخخة إلى لبنان جرى تصميمها من قبل الموساد، وجرى تجميعها في إسرائيل منذ ما يقرب من عقد من الزمان، في عام 2015، على أن تحتوي الأجهزة اللاسلكية المحمولة ثنائية الاتجاه على حزم بطاريات كبيرة الحجم ومتفجرات مخفية ونظام إرسال أعطى إسرائيل إمكانية الوصول الكامل إلى اتصالات حزب الله، مع الاحتفاظ بخيار تحويل أجهزة الاتصال اللاسلكية إلى قنابل في حالة حدوث أزمة مستقبلية.
وأنه قبل أشهر جاءت فرصة إسرائيل بسعى حزب الله للحصول على أجهزة الاتصال تلك؛ لينتهي الأمر بحزب الله بدفع أموال غير مباشرة للإسرائيليين مقابل القنابل الصغيرة التي من شأنها أن تقتل أو تصيب العديد من عناصره.
وأنه لدواعي أمنية للحزب، بدأ في عام 2023 بتلقي طلبات لشراء كميات كبيرة من أجهزة النداء التي تحمل العلامة التجارية التايوانية - أبولو، وهي علامة تجارية معروفة وخط إنتاج يتم توزيعه في جميع أنحاء العالم ولا توجد روابط واضحة بينه وبين المصالح الإسرائيلية أو اليهودية، لتأتي الدعوى إلى حزب الله من مسؤولة تسويق موثوق بها لدى الحزب ولها صلات بأبولو.
وكانت المسؤولة التسويقية، التي رفض المسؤولون الكشف عن هويتها وجنسيتها، ممثلة مبيعات سابقة للشركة التايوانية في الشرق الأوسط والتي أسست شركتها الخاصة وحصلت على ترخيص لبيع مجموعة من أجهزة النداء التي تحمل علامة أبولو التجارية، وعرضت على الحزب جهاز البيجر AR924، وأوضحت لهم لماذا كان جهاز النداء الأكبر حجمًا والمزود ببطارية أكبر أفضل من الطراز المستخدم حينها في صفوف الحزب.
وتابع المسؤول الإسرائيلي لواشنطن بوست، أن أهم نقطة في إتمام الصفقة تمثلت في أنه يمكن شحنه عبر العاصمة الأفغانية كابل، ما زاد من الطمأنينة لدى حزب الله، إذ تسيطر حركة طالبان على الحكم في أفغانستان.
وأردف: تم الاستعانة بمصادر خارجية لإنتاج هذه الأجهزة وتجميعها فعليًا في إسرائيل تحت إشراف الموساد، إذ كانت أجهزة البيجر التي يمتلكها الموساد، تتضمن حزمة بطارية تخفي كمية ضئيلة من المتفجرات القوية، وأن مكون القنبلة كان مخفيًا بعناية شديدة لدرجة أنه لم يكن من الممكن اكتشافه تقريبًا، حتى لو تم تفكيك الجهاز.
وواصل: والوصول الإسرائيلي إلى الأجهزة كان عبر إشارة إلكترونية من جهاز الاستخبارات تؤدي إلى انفجار آلاف الأجهزة دفعة واحدة، كان من الممكن أيضًا أن يتم إحداث الانفجار من خلال إجراء خاص من خطوتين مطلوب للاطلاع على الرسائل الآمنة التي تم تشفيرها، وذلك بهدف إصابة عناصر حزب الله اللبناني بشكل مباشر في أيديهم ومنعهم من استخدام الأسلحة في مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وكشف المسؤولون أنه بحلول يوم التفجير 17 سبتمبر، أرسل رسالة تحمل جملة باللغة العربية لقد تلقيت رسالة مشفرة، وبمحاولة عناصر الحزب الاطلاع على الرسالة المشفرة عبر زرارين بالجهاز كانت الانفجارات تمزق الأيدي وتدمر الأصابع، وبعد أقل من دقيقة، انفجرت آلاف أخرى من أجهزة النداء عن بعد، بغض النظر عما إذا كان المستخدم قد لمس جهازه أم لا.
وكان تمكن الاحتلال الإسرائيلي، من اختراق آلاف أجهزة الاستدعاء، فضلًا عن أجهزة الاتصال اللاسلكي التي يستخدمها عناصر حزب الله، في لبنان، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 39 شخصًا وإصابة الآلاف.
وفي وقت سابق، كشفت وكالة رويترز البريطانية، أن 1500 عنصر من حزب الله اللبناني أصيبوا بالعمى أو فقدوا أياديهم جراء هجمات أجهزة البيجر التي شنها الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع الماضي.