ماذا يفعل الطيار قبل الرحلة؟ تفاصيل لا يعرفها كثيرون عن كواليس الإقلاع

إجراءات معقدة تبدأ قبل ساعات من التحليق.. تعرف على الخطوات الدقيقة التي يقوم بها الطيارون قبل الإقلاع لضمان سلامتك
عندما تصعد على متن الطائرة وتجلس في مقعدك منتظرًا الإقلاع، ربما لا تعلم أن الطيار الذي سيقود رحلتك قد بدأ عمله قبل ساعات طويلة، فقيادة الطائرة لا تقتصر فقط على الجلوس في مقصورة القيادة والضغط على الأزرار، بل تمر بعدة مراحل دقيقة ومعقدة تبدأ منذ لحظة وصول الطيار إلى المطار وحتى رفع عجلات الطائرة عن المدرج.
في هذا التقرير، نكشف لك بالتفصيل ماذا يفعل الطيار قبل الرحلة، بدءًا من التوقيع على أوراق الطيران وحتى التنسيق مع برج المراقبة والإقلاع، في خطوات منظمة تضمن أعلى مستويات السلامة الجوية.
الطيار يصل قبل الرحلة بساعات: الانضباط أولاً
يصل الطيار إلى المطار قبل موعد الإقلاع بثلاث ساعات تقريبًا، ولكن في كثير من الحالات، يختار الطيارون الحضور قبل ساعتين فقط، وذلك لحساب ساعات العمل الرسمية بدقة. هذه الفترة الزمنية ليست للراحة، بل لبدء سلسلة من المهام الحساسة التي تسبق كل رحلة جوية.
استلام أوراق الرحلة: معلومات حيوية في ملف واحد
أول ما يفعله الطيار بعد الوصول هو تسجيل الحضور واستلام أوراق الرحلة الرسمية، والتي تتضمن معلومات أساسية ومفصلة تشمل:
-
عدد المسافرين وأسماؤهم
-
رقم تسجيل الطائرة وموقع وقوفها
-
تاريخ آخر صيانة للطائرة
-
الوزن الإجمالي للطائرة مع الحمولة
-
تفاصيل المسار الجوي والوجهة النهائية
هذه البيانات تُستخدم في احتساب الأداء المثالي للطائرة أثناء الإقلاع والهبوط، وتُسلم لاحقًا إلى الجهات المختصة داخل المطار.
غرفة الطاقم: محطة استراحة وتجهيز عقلي
بعد استلام أوراق الرحلة، يتجه الطيار إلى غرفة الطاقم، وهي مكان مخصص لراحة الطيارين قبل الرحلة. تضم الغرفة مرافق لتناول الطعام والشراب، ومقاعد مريحة، لكنها أيضًا أكثر من مجرد صالة استراحة، فهنا تتوفر أجهزة كمبيوتر متخصصة تمنح الطيار أحدث البيانات المتعلقة بالأحوال الجوية في المسار المحدد.
دراسة الأحوال الجوية وخطة الطوارئ
من خلال تلك الأجهزة، يطّلع الطيار على:
-
سرعة الرياح واتجاهها
-
درجات الحرارة والرطوبة
-
حالة السحب والمطبات الهوائية المتوقعة
-
مدى الرؤية الأفقية
-
الظروف الجوية في المطار البديل (خطة الطوارئ)
تُعد هذه المعلومات ضرورية لرسم خطة الرحلة الأساسية والبديلة، واتخاذ القرار بشأن الارتفاع الأمثل للطيران، والسرعة المطلوبة، ومدى الحاجة لتعديل المسار في الجو.
الفحص الخارجي للطائرة: خطوة لا تحتمل الخطأ
قبل الإقلاع، يجري الطيار جولة فحص خارجية للطائرة بنفسه، وهي خطوة حاسمة تشمل معاينة:
-
جسم الطائرة ومداخل ومخارج المحركات
-
العجلات والإطارات وأنظمة الهبوط
-
فتحات التهوية وأنابيب "البيتوت" الخاصة بقياس سرعة الهواء
-
أي آثار محتملة لتسريب وقود أو سوائل هيدروليكية
هذا الفحص يتم بعين دقيقة ووفق كتيب فني، ولا يُسمح بتجاوزه أو تفويضه، إذ يمثل خط الدفاع الأول ضد أي خلل فني قد يؤثر على سلامة الرحلة.
الصعود إلى الطائرة وفحص الأجهزة الدقيقة
قبل موعد الإقلاع بـ30 دقيقة، يصعد الطيار إلى الطائرة حيث يستلم تقريرًا فنيًا موقّعًا من مهندس الطائرة، يتضمن نتائج الفحص الفني الداخلي والخارجي. بعد ذلك، يبدأ الطيار بنفسه بفحص أجهزة الملاحة والقيادة، والتأكد من:
-
عدادات الضغط والارتفاع
-
أجهزة التحكم بالمحركات
-
أنظمة الطيران الآلي
-
الاتصالات والرادارات
بالتوازي، يُطلب من كبير المضيفين فحصًا كاملاً لمقصورة الركاب، ويُسلّم الطيار "تعهدًا رسميًا" بذلك لضمان أن كل شيء على ما يرام في الداخل.
تنسيق أخير مع المراقبة الجوية قبل الإقلاع
بمجرد الانتهاء من الفحوصات، يُصدر الطيار تعليماته إلى طاقم الضيافة للسماح للركاب بالصعود إلى الطائرة. وفي هذه الأثناء، يبدأ تنسيق دقيق مع مساعده وبرج المراقبة الجوية، لتأكيد خطة الطيران النهائية وتحديد:
-
ارتفاع الطيران المبدئي والنهائي
-
التوقيت المحدد للإقلاع
-
الكود الجوي الخاص بالرحلة
-
مؤشر الوقود واحتياطات الطوارئ
عند استلام الموافقة النهائية من المراقبة، يصبح الطيار مستعدًا للانطلاق، بعد أن أتم سلسلة طويلة من المهام التي قد لا يراها المسافر، لكنها العمود الفقري لسلامة الرحلة الجوية.
رحلة تبدأ قبل الإقلاع
رحلة الطيران لا تبدأ عندما تغلق أبواب الطائرة، بل قبل ذلك بساعات. الطيار يتحمل مسؤولية دقيقة تشمل كل التفاصيل، من الجو إلى الأرض، ومن الركاب إلى الطائرة ذاتها، لذلك في المرة القادمة التي تسافر فيها، تذكر أن ما يحدث خلف الكواليس من استعدادات يهدف أولًا وأخيرًا إلى توفير رحلة آمنة ومريحة لك.