مأساة على متن رحلة الخطوط الجوية القطرية تتحول إلى قضية دولية

في واقعة مأساوية هزّت أوساط الطيران المدني وحقوق الركاب حول العالم، تقدمت عائلة راكب سريلانكي يبلغ من العمر 85 عامًا بدعوى قضائية ضد شركة الخطوط الجوية القطرية (Qatar Airways)، متهمة إياها بالإهمال الجسيم والتسبب في وفاة غير مشروعة بعد واقعة صادمة حدثت على متن إحدى الرحلات الطويلة القادمة من لوس أنجلوس إلى كولومبو عبر الدوحة في يونيو 2023.
تفاصيل المأساة على متن رحلة قطرية
وفقًا لما جاء في أوراق الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الفيدرالية الأمريكية، فإن الراكب الراحل الدكتور أسوكا جايادويرا (Asoka Jayaweera)، وهو طبيب متقاعد، كان قد طلب مسبقًا وجبة نباتية خاصة قبل رحلته الطويلة عبر شركة الطيران القطرية.
إلا أنه عند توزيع الوجبات، فوجئ بأن الوجبة النباتية غير متوفرة، وأُبلغ من قبل طاقم الطائرة بأنه يمكنه "تناول ما حول اللحم فقط" من الوجبة العادية.
العائلة ذكرت في بيانها أن هذه التعليمات غير المناسبة كانت بداية مأساة انتهت بفقدان حياة والدهم، إذ بدأ بعد تناول الطعام يعاني من نوبات اختناق حادة وفقدان للوعي وسط الرحلة، بينما استغرق الطاقم وقتًا طويلًا للتعامل مع الموقف بالشكل المطلوب.
تأخر الهبوط الاضطراري وتناقض بيانات الرحلة
ووفقًا لبيانات الطيران المرفقة بالدعوى، رفض قائد الطائرة تنفيذ هبوط اضطراري فوري بحجة أن الطائرة كانت تحلق فوق القطب الشمالي، ما يجعل الهبوط مستحيلًا في تلك المرحلة.
غير أن العائلة أكدت أن بيانات تتبع الرحلة كشفت أن الطائرة كانت تحلق بالفعل فوق ولاية ويسكونسن الأمريكية وقت الأزمة، أي في نطاق يسمح بهبوط سريع في أحد المطارات القريبة، مما كان من شأنه إنقاذ حياة الراكب المسن.
وبعد تفاقم حالته، قرر الطيار في النهاية تحويل مسار الرحلة إلى مطار إدنبرة في اسكتلندا، حيث جرى نقل الراكب إلى المستشفى في حالة حرجة، قبل أن يفارق الحياة بعد أسابيع متأثرًا بالتهاب رئوي بالشفط (Aspiration Pneumonia)، وهو نوع من الالتهاب يحدث بسبب دخول بقايا الطعام إلى الرئتين.
دعوى قضائية ضد الخطوط الجوية القطرية
العائلة السريلانكية رفعت دعوى قضائية تطالب فيها بتعويضات مالية ضخمة، متهمة الخطوط الجوية القطرية بارتكاب إهمال جسيم والتقصير في واجب الرعاية تجاه الركاب، خصوصًا كبار السن ومن لديهم احتياجات غذائية خاصة.
وتستند الدعوى إلى اتفاقية مونتريال (Montreal Convention)، الموقعة عام 1999، والتي تُعد المرجع القانوني الرئيسي الذي يُنظم مسؤوليات شركات الطيران عن الإصابات أو الوفيات التي تقع أثناء الرحلات الدولية.
وتشير العائلة إلى أن الشركة فشلت في توفير الوجبة المخصصة رغم تأكيد الطلب مسبقًا، كما أن الطاقم لم يتعامل بالسرعة والاحترافية الكافية مع حالة الطوارئ الطبية، ما أدى في النهاية إلى الوفاة.
ردود الأفعال والجدل الدولي
حتى الآن، لم تصدر شركة الخطوط الجوية القطرية أي تعليق رسمي بشأن الواقعة أو الدعوى القضائية، فيما لاقت القصة انتشارًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الدولية، خاصة بين منظمات حقوق الركاب والنشطاء في مجال التغذية النباتية.
ويرى خبراء الطيران أن القضية قد تشكل سابقة قانونية جديدة فيما يتعلق بمسؤولية شركات الطيران عن الطلبات الغذائية الخاصة، مؤكدين أن الشركات مطالبة بمراعاة الفئات الحساسة مثل كبار السن، والمرضى، والنباتيين، الذين يعتمدون على وجبات محددة أثناء الرحلات الطويلة.
من جانب آخر، أعادت الحادثة النقاش حول جاهزية أطقم الطيران للتعامل مع الحالات الطبية الطارئة في الجو، ومدى التزام الشركات ببروتوكولات الهبوط الاضطراري في حال تعرض الركاب لمشكلات صحية مهددة للحياة.
اتفاقية مونتريال ومسؤولية شركات الطيران
يُذكر أن اتفاقية مونتريال لعام 1999 تنص بوضوح على أن شركات الطيران تتحمل المسؤولية القانونية عن أي إصابات أو وفيات تقع أثناء الرحلات الدولية إذا ثبت وجود إهمال أو تقصير من جانبها.
كما تتيح الاتفاقية لأسر الضحايا رفع دعاوى أمام محاكم الدولة التي تم شراء التذكرة منها أو بلد الإقامة، وهو ما فعلته عائلة الراكب السريلانكي برفع الدعوى داخل الولايات المتحدة.
جدل حول حقوق الركاب النباتيين
الحادث المأساوي أعاد إلى الواجهة قضية حقوق الركاب النباتيين، حيث طالب العديد من الناشطين بضرورة تطبيق رقابة أكثر صرامة على شركات الطيران التي تقدم خدمات غذائية خاصة، وضمان تلبية الطلبات المؤكدة مسبقًا دون استثناء.
كما شدد مختصون في مجال التغذية والسفر على أن إهمال التفاصيل الغذائية البسيطة قد يسبب أضرارًا صحية جسيمة، خصوصًا لكبار السن أو من يعانون من أمراض في الجهاز الهضمي أو التنفسي.