رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

أزمة حادة في Norse Atlantic Airways: تسريح جماعي وتحويل نصف الأسطول إلى الهند بالتعاون مع IndiGo

الأحد 12/أكتوبر/2025 - 11:56 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

تشهد شركة Norse Atlantic Airways النرويجية منخفضة التكلفة واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا منذ تأسيسها عام 2021، بعد أن أعلنت رسميًا عن خطة واسعة لتسريح طاقمها في مطار نيويورك (JFK) وتحويل نصف أسطولها للعمل لصالح شركة الطيران الهندية IndiGo Airlines بنظام التأجير التشغيلي (ACMI)، في محاولة لتقليل الخسائر وتأمين تدفقات مالية مستقرة خلال عام 2025.

تسريح جماعي يبدأ في نوفمبر 2025

وفقًا لبيان داخلي مسرّب من الشركة، تبدأ خطة التسريح الجديدة اعتبارًا من 1 نوفمبر 2025، وتشمل:

  • تسريح مؤقت لـ39 فردًا من طاقم الطيران لمدة تصل إلى ستة أشهر.
  • إنهاء خدمة 52 موظفًا آخرين بشكل دائم.
  • الإبقاء على نحو 100 موظف فقط في قاعدة التشغيل الأمريكية، مع تحذير من احتمال إجراء جولة جديدة من التخفيضات إذا استمرت الضغوط المالية.

كما قررت إدارة Norse Atlantic Airways خفض رتب عدد من قادة الطاقم بسبب فائض المناصب الإدارية بعد تقليص عدد الرحلات العابرة للأطلسي.

تحويل نصف الأسطول إلى الهند

تشمل خطة الشركة تحويل نصف أسطولها من طائرات بوينغ 787 دريملاينر للعمل ضمن اتفاق ACMI مع شركة IndiGo Airlines الهندية، وهي صيغة تأجير تشغيلي تقوم بموجبها شركة بتوفير الطائرة والطاقم والصيانة والتأمين لشركة أخرى مقابل أجر محدد.

وتهدف Norse من خلال هذه الشراكة إلى رفع معدل استخدام الطائرات وتحقيق تدفق نقدي أكثر استقرارًا، خاصة في ظل تباطؤ الطلب على الرحلات عبر الأطلسي خلال موسم الشتاء.

لكن محللين حذروا من أن هذه الخطوة تعكس عودة إلى نموذج التوسع السريع الذي كان أحد أسباب انهيار شركة Norwegian Air Shuttle – الشركة الأم السابقة – قبل عدة سنوات، مؤكدين أن Norse تسير على "خيط رفيع بين الإنقاذ والمجازفة".

ضغوط مالية متزايدة رغم تحسن الأداء التشغيلي

منذ انطلاقتها في عام 2021، واجهت Norse Atlantic Airways صعوبات كبيرة في تحقيق أرباح تشغيلية، رغم تحسن نسب الإشغال خلال عامي 2024 و2025، وتراجع أسعار الوقود مقارنة بفترة جائحة كورونا.

ويرى خبراء الطيران أن الشركة تعاني من هيكل تمويلي ضعيف يعتمد على موسم الصيف فقط لتحقيق الإيرادات، دون وجود استراتيجية واضحة لتوزيع التشغيل على مدار العام.
كما أن ارتفاع تكاليف التشغيل في الولايات المتحدة وأوروبا أدى إلى تقلص هامش الربحية، ما دفعها إلى البحث عن أسواق بديلة مثل الهند ودول شرق آسيا عبر شراكات ACMI.

تأثير عالمي يتجاوز نيويورك

مصادر داخل الشركة أكدت أن تأثير الخطة الجديدة لا يقتصر على مطار JFK في نيويورك، بل يمتد إلى قواعد التشغيل في أوسلو، أثينا، وباريس، ما يعني أن أكثر من 300 موظف دائم و100 مؤقت حول العالم قد يتأثرون بشكل مباشر أو غير مباشر بهذه الإجراءات.

كما بدأت الشركة مراجعة جداول رحلاتها عبر الأطلسي لتقليص الترددات بين أوروبا وأمريكا الشمالية خلال فصل الشتاء، مع التركيز على الوجهات الأكثر ربحية مثل أورلاندو، فورت لودرديل، ولوس أنجلوس.

محاولات لإنقاذ الشركة من “المطبات المالية”

تؤكد إدارة Norse أن هذه الإجراءات "ضرورية للحفاظ على استمرارية التشغيل" وتأتي ضمن خطة شاملة لإعادة الهيكلة تهدف إلى ضمان الاستدامة المالية على المدى الطويل.
ووفقًا لمصادر مطلعة، تعمل الشركة أيضًا على إعادة التفاوض بشأن عقود الإيجار طويلة الأمد مع شركات التمويل بهدف خفض التكاليف الثابتة.

ويرى بعض المحللين أن التحالف مع IndiGo قد يمنح Norse نافذة إنقاذ مؤقتة، خاصة أن السوق الهندي يشهد نموًا قويًا في الطلب على الرحلات الدولية، وهو ما قد يساعد الشركة على الحفاظ على تشغيل طائراتها بكفاءة بدلاً من إبقائها على الأرض.

IndiGo توسع حضورها الدولي عبر اتفاق ACMI

تأتي هذه الشراكة في وقت تشهد فيه IndiGo Airlines – أكبر شركة طيران في الهند – توسعًا كبيرًا في شبكتها الدولية، حيث تسعى إلى تغطية مزيد من الوجهات في أوروبا والشرق الأوسط استعدادًا لموسم السفر الشتوي 2025/2026.

وتوفر اتفاقيات ACMI مرونة عالية لشركات الطيران، إذ تمكنها من تشغيل طائرات إضافية دون تكاليف الشراء أو الصيانة المباشرة، بينما تتيح للمؤجرين مثل Norse الاستفادة من مواردهم غير المستخدمة.

سوق الطيران منخفض التكلفة يواجه ضغوطًا متزايدة

تسلط أزمة Norse الضوء على التحديات التي تواجه شركات الطيران منخفضة التكلفة بعيدة المدى (Low-Cost Long-Haul)، حيث يعتمد هذا النموذج على أسعار منخفضة وهوامش ربح ضئيلة، مما يجعله عرضة للتقلبات الاقتصادية وأسعار الوقود وتكاليف المطارات.

ويشير الخبراء إلى أن فشل شركات مثل Wow Air وPrimera Air سابقًا يعكس صعوبة تحقيق استدامة في هذا القطاع، في حين تواجه Norse التحدي ذاته رغم محاولاتها الابتكار في نموذج التشغيل.

نورس” تحلّق وسط العاصفة

على الرغم من الصعوبات، تؤكد مصادر مقربة من الشركة أن Norse Atlantic Airways لن تتخلى عن رحلاتها العابرة للأطلسي بالكامل، بل ستعيد هيكلتها بما يضمن استمرار بعض الوجهات الاستراتيجية، مثل لندن وأوسلو إلى نيويورك وميامي.

ويقول مراقبون إن الشركة تحاول “الطيران وسط عاصفة اقتصادية عاتية”، سعيًا نحو تحقيق توازن بين التوسع المدروس والحفاظ على السيولة النقدية، في سوق طيران عالمي لا يزال يعاني من آثار ما بعد الجائحة.

آفاق مستقبلية غير واضحة

رغم حالة القلق السائدة بين العاملين والمحللين، يرى بعض المستثمرين أن التحالف مع IndiGo يمثل فرصة لإعادة التموضع في سوق عالمي متغير، خاصة مع زيادة الطلب على الرحلات من آسيا إلى أوروبا.

ومع ذلك، يبقى مستقبل Norse Atlantic Airways مرهونًا بقدرتها على إدارة تكاليفها، والحفاظ على ثقة الموظفين والمستثمرين، وتجنّب تكرار أخطاء الماضي التي أطاحت بشركات كبرى في نفس القطاع.

هذا وفي ظل الأزمات الاقتصادية وتقلّب الطلب العالمي على السفر، تمثل أزمة Norse Atlantic Airways تجسيدًا حقيقيًا لتحديات شركات الطيران منخفضة التكلفة في مواجهة الواقع المالي الصعب.

وبينما تحاول الشركة "التحليق فوق العاصفة"، يبدو أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت ستنجح في تحقيق ارتفاع مستدام، أم ستضطر إلى هبوط اضطراري جديد في تاريخ الطيران الأوروبي.



                                           
ads
ads
ads