رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

حادثة نادرة على المدرج.. عادم "إيرباص A320" يدفع طائرة "بوينغ 767" إلى الخلف

الأحد 12/أكتوبر/2025 - 11:47 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

في مشهد غير معتاد ومثير للدهشة في عالم الطيران، شهد أحد المدارج الدولية حادثة غريبة عندما دفعت طائرة "إيرباص A320" بعادم محركاتها القوي طائرة "بوينغ 767" إلى الخلف بشكل ملحوظ، ما أثار موجة من الجدل والدهشة بين المتخصصين وهواة الطيران حول العالم.

الحادثة، التي تم توثيقها عبر مقطع فيديو انتشر بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر بوضوح كيف بدأت طائرة الـ A320 في تشغيل محركاتها استعدادًا للإقلاع، فيما كانت الـ Boeing 767 تقف خلفها مباشرة في انتظار دورها على المدرج.
وخلال لحظات، أدى تيار العادم النفاث (Jet Blast) الصادر من محركات الـ A320 إلى دفع الطائرة الأضخم وزنًا للخلف عدة أمتار، في مشهد غير مألوف يُظهر مدى قوة الدفع الناتجة عن المحركات النفاثة الحديثة حتى أثناء التشغيل الأرضي.

 القوة الخفية للعادم النفاث.. خطر حقيقي على المدرجات

تيار العادم النفاث أو ما يُعرف بـ Jet Blast، هو تدفق الهواء عالي السرعة الناتج عن محركات الطائرات التوربينية أثناء التشغيل أو التسارع للإقلاع.
وعلى الرغم من أنه جزء أساسي من عمل المحرك، إلا أنه يُعد من أخطر الظواهر التشغيلية في بيئة المطارات، خاصة عند المسافات القريبة بين الطائرات على المدرج أو ممرات الإقلاع.

تُشير تقارير السلامة الجوية إلى أن سرعة العادم النفاث من محرك طائرة نفاثة متوسطة الحجم مثل A320 أو Boeing 737 يمكن أن تتجاوز 160 كيلومترًا في الساعة (نحو 100 ميل/س) عند الإقلاع، وهي قوة كافية لتحريك مركبة أرضية أو حتى قلب شاحنة صغيرة إذا كانت على مسافة غير آمنة.

وفي الحادثة الأخيرة، أثبتت التجربة أن هذه القوة قادرة أيضًا على تحريك طائرة كاملة من طراز Boeing 767، وهي طائرة ذات وزن إقلاع يزيد عن 180 طنًا، ما يعكس مدى الطاقة الهائلة التي تولدها المحركات النفاثة في اللحظات الأولى من التسارع.

 حادثة بلا إصابات.. ولكنها جرس إنذار لفرق التشغيل الأرضي

ورغم الطابع النادر والمثير للحادثة، فقد أكدت التقارير الأولية أنه لم تقع أي إصابات أو أضرار مادية سواء للطائرتين أو للعاملين على الأرض.
لكن الحادثة اعتُبرت إنذارًا واضحًا لشركات الطيران وإدارات المطارات حول العالم بضرورة مراجعة إجراءات السلامة الخاصة بمسافات الفصل بين الطائرات أثناء الاصطفاف على المدارج.

عادةً ما تفرض هيئات الطيران المدني حول العالم، مثل منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) وإدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA)، تعليمات صارمة بشأن ترك مسافات كافية بين الطائرات أثناء التشغيل الأرضي والإقلاع، لتجنب تأثيرات الدوامات الهوائية (Wake Turbulence) والعادم النفاث.

ويقول خبراء في السلامة الجوية إن هذه الواقعة تُبرز بوضوح أن “الالتزام بمسافات الأمان ليس إجراءً روتينيًا فحسب، بل هو عنصر حاسم في حماية الأرواح والمعدات على الأرض”.

 اختلاف الأوزان لا يحمي من تأثير العادم

قد يظن البعض أن الطائرات الضخمة مثل Boeing 767 محصّنة ضد تأثيرات العادم بسبب وزنها الهائل، لكن الواقع يثبت العكس، فحتى الطائرات الثقيلة، عند وضعها في وضعية انتظار أو بدون تشغيل كامل للمكابح الأرضية، يمكن أن تتحرك بفعل ضغط الهواء الناتج عن محركات طائرة مجاورة، خاصة إذا كانت الأخيرة في وضع الدفع الكامل (Takeoff Thrust).

ويؤكد مهندسو الطيران أن العادم النفاث الناتج عن محركات التوربوفان الحديثة، مثل CFM56 أو LEAP-1A المستخدمة في طائرات A320، قادر على إنتاج تيار هواء بقوة تفوق 5000 رطل في لحظة واحدة، وهو ما يكفي لتحريك طائرة أو تدمير معدات أرضية إذا كانت المسافة أقل من الحدود الموصى بها.

 دروس مستفادة لمشغلي المطارات

يرى الخبراء أن مثل هذه الحوادث، رغم ندرتها، تمثل فرصة مهمة لتحديث إجراءات التشغيل الآمن في المطارات، وخاصة في مواقف الانتظار وممرات الإقلاع (Taxiways).
ومن أبرز التوصيات التي صدرت عقب الحادثة:

  1. إعادة تقييم مسافات الانتظار بين الطائرات أثناء الطوابير قبل الإقلاع.
  2. تحديث أنظمة الاتصالات بين أبراج المراقبة والطيارين لتفادي الاصطفاف القريب.
  3. تدريب الطواقم الأرضية والطيارين على تقدير تأثير العادم في الظروف المتغيرة للرياح.
  4. استخدام الكاميرات الأرضية والرادارات قصيرة المدى لمراقبة حركة الطائرات في الممرات المزدحمة.

وأكد محللون أن الحادثة تُظهر أن حتى الطائرات الكبيرة ليست في مأمن من العوامل الفيزيائية للطيران، وأن سلامة التشغيل الأرضي تتطلب دقة مشابهة لما يحدث في الجو.

 انتشار الفيديو يثير اهتمام المتابعين حول العالم

مقطع الفيديو الذي التُقط للحادثة حصد مئات الآلاف من المشاهدات خلال ساعات على منصات التواصل الاجتماعي، وشاركته صفحات متخصصة في الطيران على “إكس” (تويتر سابقًا) و”إنستغرام” و”يوتيوب”.
وأبدى الطيارون والمراقبون الجويون دهشتهم من مدى وضوح التأثير البصري للحادثة، حيث تحركت الطائرة الضخمة إلى الخلف ببطء لكن بثبات، في مشهد يندر رؤيته حتى في محاكيات الطيران الاحترافية.

وقال أحد خبراء الطيران في تعليقه على الحادثة:

"ما حدث يُظهر ببساطة أن الفيزياء لا تفرّق بين طائرة كبيرة أو صغيرة، فالعادم النفاث هو قوة حقيقية لا يمكن الاستهانة بها."

 درس واقعي في ديناميكيات الهواء وقوانين الأمان

تُعد الحادثة مثالًا واقعيًا على الطاقة الهائلة الكامنة في محركات الطائرات النفاثة، وعلى أهمية احترام قواعد الأمان في بيئة المطارات.
ففي عالم الطيران، الخطأ الصغير في المسافة أو التموضع قد يتحول إلى حادث خطير إذا لم تُراعَ القواعد التشغيلية بدقة.

كما أن انتشار الفيديو ساهم في رفع الوعي العام حول خطورة تيار العادم النفاث (Jet Blast)، ليس فقط على العاملين بالمطارات، بل حتى على المسافرين الذين يلاحظون تلك المشاهد من نوافذ الطائرات دون إدراك مدى خطورتها.

وفي النهاية، تؤكد الحادثة أن السلامة الجوية تبدأ من الأرض، وأن كل عملية إقلاع ناجحة تعتمد على مزيج من الدقة، والانتباه، والالتزام بالتفاصيل التي لا تُرى عادة من مقعد الراكب.

                                           
ads
ads
ads