روبرت إيسوم يتقاضى 15.6 مليون دولار في 2024 رغم شكاوى الركاب ضد American Airlines

في تطور يثير الجدل داخل صناعة الطيران العالمية، كشفت التقارير المالية الحديثة أن روبرت إيسوم (Robert Isom)، الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الأمريكية (American Airlines)، حصل على أجر إجمالي قدره 15.6 مليون دولار خلال عام 2024، رغم التحديات التشغيلية التي واجهتها الشركة، من تأخيرات الرحلات إلى شكاوى المسافرين بشأن الخدمات والأسعار.
هذا الرقم، رغم ضخامته، يمثل انخفاضًا بنحو النصف مقارنة بعام 2023، حين بلغت مكافآت إيسوم حوالي 31 مليون دولار، ما جعله حينها من بين أعلى الرؤساء التنفيذيين أجرًا في صناعة الطيران العالمية.
من هو روبرت إيسوم؟
يُعد روبرت إيسوم من أبرز الأسماء في مجال الطيران الأمريكي، حيث تولى قيادة شركة American Airlines في عام 2022 خلفًا لـ دوغ باركر (Doug Parker)، وذلك في مرحلة انتقالية حساسة بعد جائحة كورونا التي أثّرت بشكل كبير على صناعة النقل الجوي حول العالم.
قبل توليه المنصب، شغل إيسوم عدة مناصب إدارية في شركات طيران كبرى مثل US Airways وAmerica West Airlines، ما أكسبه خبرة تشغيلية واسعة في إدارة الأساطيل وشبكات الرحلات المعقدة.
منذ بداية ولايته، أعلن أن أولوياته تتمثل في خفض الديون الضخمة التي تراكمت خلال فترة الجائحة، وتحسين تجربة السفر، خاصة على الدرجة الممتازة، مع التركيز على الكفاءة التشغيلية والربحية المستدامة.
أرباح ضخمة رغم التحديات التشغيلية
شهد عام 2024 أداءً ماليًا متوازنًا لشركة American Airlines، إذ نجحت في تحقيق أرباح تشغيلية تجاوزت 2.3 مليار دولار، بفضل زيادة الطلب على السفر الجوي وارتفاع أسعار التذاكر.
لكن في المقابل، واجهت الشركة موجة من الانتقادات نتيجة تأخيرات متكررة للرحلات، والازدحام في المطارات، إلى جانب ارتفاع أسعار التذاكر بشكل ملحوظ، وهو ما أثار استياء المسافرين وخبراء الطيران على حد سواء.
ورغم هذه الانتقادات، دافع مجلس إدارة الشركة عن مكافآت الرئيس التنفيذي، معتبرًا أن ما يتقاضاه يتماشى مع حجم المسؤولية والأداء المالي الإيجابي للشركة مقارنة بالمنافسين مثل Delta Air Lines وUnited Airlines.
مقارنة مع قادة شركات الطيران الأخرى
وفقًا لتقارير "رويترز" و"فوربس"، فإن روبرت إيسوم ليس الوحيد الذي يتقاضى أجرًا مرتفعًا في هذا القطاع، إذ بلغ أجر إد باستيان (Ed Bastian)، الرئيس التنفيذي لشركة Delta Air Lines، نحو 13.1 مليون دولار، فيما حصل سكوت كيربي (Scott Kirby) من United Airlines على 14.3 مليون دولار في العام نفسه.
هذه الأرقام تعكس ارتفاعًا عامًا في مكافآت التنفيذيين داخل صناعة الطيران الأمريكية، رغم استمرار التحديات التشغيلية والشكوك بشأن مستويات الخدمة المقدمة للمسافرين.
انتقادات الركاب والخبراء
يرى كثير من المحللين أن الفجوة بين أجور التنفيذيين وجودة الخدمة في شركات الطيران الأمريكية أصبحت تتسع بشكل مقلق.
ففي الوقت الذي يتقاضى فيه كبار المسؤولين رواتب ومكافآت ضخمة، يعاني المسافرون من تراجع الراحة داخل الطائرات، وزيادة رسوم الأمتعة، وتراجع مستوى الضيافة الجوية.
وكتب أحد محللي الطيران في مجلة “Aviation Week”:
“من غير المنطقي أن يحصل مدير تنفيذي على عشرات الملايين بينما لا تزال الشركة تواجه تحديات في رضا العملاء وتكرار الشكاوى التشغيلية.”
وأضاف آخر أن مثل هذه الأجور “تعكس خللاً في أولويات الشركات التي تركّز على الأرباح قصيرة المدى بدلاً من الاستثمار في تحسين تجربة السفر”.
موقف الشركة من الجدل
في بيان رسمي، أكدت شركة American Airlines أن أجور التنفيذيين يتم تحديدها وفق نظام مكافآت يعتمد على الأداء المالي، والإنجازات التشغيلية، ونسبة رضا العملاء.
وأضافت أن “روبرت إيسوم قاد الشركة نحو استقرار مالي بعد فترة مضطربة، ونجح في تخفيض الدين الإجمالي بأكثر من 6 مليارات دولار خلال عامين فقط.”
كما أشارت إلى أن المرحلة القادمة ستشهد استثمارات جديدة في تحديث الأسطول وتحسين أنظمة الترفيه والخدمة داخل الطائرة، بما يتماشى مع خطط الشركة لتحسين تجربة السفر وجذب عملاء جدد.
تساؤلات الرأي العام: هل يستحق؟
رغم دفاع الشركة، ما زال الجدل قائمًا حول ما إذا كانت هذه الرواتب الضخمة مبررة.
ففي استطلاع للرأي أجرته صحيفة “USA Today”، رأى 68% من المشاركين أن هذه المكافآت “مبالغ فيها وغير متناسبة مع مستوى الخدمة”، بينما رأى 22% أنها “مكافأة مستحقة لأداء إداري ناجح”، فيما فضّل الباقون عدم التعليق.
ويطرح هذا الجدل تساؤلاً أكبر حول التوازن بين الربحية وخدمة العملاء في شركات الطيران، خاصة في ظل المنافسة المتزايدة من شركات النقل منخفضة التكلفة التي تجذب ملايين الركاب بأسعار أقل وتجربة سفر مقبولة.
مستقبل American Airlines تحت قيادة إيسوم
رغم الانتقادات، فإن روبرت إيسوم يواصل تنفيذ خطة استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تحديث الأسطول عبر إدخال طائرات Boeing 787 Dreamliner وAirbus A321XLR لتقليل استهلاك الوقود وتحسين تجربة المسافرين.
كما تسعى الشركة إلى تعزيز وجودها في الأسواق الدولية، خصوصًا في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، مع التركيز على الرحلات المباشرة طويلة المدى.
ويرى مراقبون أن نجاح هذه الخطة قد يُعيد الثقة في الشركة ويبرر أجور إدارتها العليا في السنوات المقبلة.
هذا ويبقى روبرت إيسوم أحد أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في عالم الطيران، بين من يرى فيه قائداً يعيد الاستقرار إلى شركة عملاقة، ومن يعتبره رمزًا للفجوة بين الإدارة والركاب.
لكن المؤكد أن قصته تعكس واقع صناعة الطيران الحديثة: مزيج من الأرباح الضخمة، التحديات التشغيلية، والتساؤلات الأخلاقية حول العدالة في توزيع المكافآت.