الإغلاق الحكومي يشلّ حركة الطيران في أمريكا
 
 
دخلت الولايات المتحدة في أزمة غير مسبوقة داخل قطاع الطيران المدني، بعد أن تسبب استمرار الإغلاق الحكومي الفيدرالي في تعطيل آلاف الرحلات وتأجيل أكثر من 1,400 رحلة جوية ، أمس الإثنين الموافق 27 أكتوبر، وسط نقص حاد في أعداد مراقبي الحركة الجوية الذين يواصلون العمل دون الحصول على رواتبهم منذ قرابة الشهر.
وقالت هيئة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) إن النقص في الكوادر الفنية بمراكز المراقبة الجوية انعكس بشكل مباشر على انتظام الرحلات، خاصة في مناطق الجنوب الشرقي من البلاد، إضافة إلى مطار نيوارك الدولي في ولاية نيوجيرسي، الذي شهد أكثر حالات التأخير والإلغاء، كما حذرت الهيئة من احتمال امتداد الأزمة إلى مطار لوس أنجلوس الدولي خلال الساعات المقبلة في حال عدم تدارك الموقف.
وأكد وزير النقل الأمريكي شون دافي أن 22 مركز مراقبة جوية تعاني حالياً من عجز في الطواقم العاملة، مشيراً إلى أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى تفاقم التأخيرات في المطارات الكبرى مثل نيويورك، أتلانتا، شيكاغو، ودالاس، وهو ما ينذر بتأثير واسع على حركة النقل الجوي التجاري داخل البلاد وخارجها.
وأوضح الوزير أن ما يقرب من 13 ألف مراقب حركة جوية و50 ألف موظف في إدارة أمن النقل الجوي (TSA) ما زالوا يعملون دون أجر، التزاماً بواجباتهم لتأمين الأجواء والمطارات الأمريكية، رغم الضغوط النفسية والمالية المتزايدة. ويخشى مراقبون من أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع معدلات الغياب المرضي أو الإرهاق بين العاملين، ما ينعكس على الأداء التشغيلي وسرعة إنجاز الرحلات.
وأشار خبراء الطيران إلى أن الإغلاق الحكومي الفيدرالي يُعد من أكثر الأزمات تأثيراً على صناعة النقل الجوي في الولايات المتحدة منذ عقود، حيث يجبر النقص في الكوادر السلطات على خفض عدد الرحلات المسموح بإدارتها يومياً لضمان السلامة الجوية. ورغم تأكيد الجهات الرسمية أن سلامة الطيران لم تتأثر بشكل مباشر، إلا أن ارتفاع حجم التأخيرات والإلغاءات اليومية يُنذر بتأثير اقتصادي واسع على شركات الطيران والمطارات والمسافرين.
وبحسب التقديرات، فإن قطاع السفر الجوي الأمريكي يخسر ما يقرب من مليار دولار أسبوعياً نتيجة الإغلاق، نتيجة تأجيل الرحلات وإلغاء الحجوزات وتراجع حركة الشحن الجوي، كما يؤثر الوضع الحالي على الشركات السياحية والفنادق وشركات الخدمات اللوجستية، التي تعتمد بشكل رئيسي على انسيابية حركة النقل الجوي في الداخل الأمريكي.
ويقول محللون إن الإغلاق الحكومي الذي دخل يومه السابع والعشرين يعكس هشاشة البنية التحتية البشرية داخل قطاع الطيران الأمريكي، حيث يعتمد النظام الجوي بشكل كبير على العنصر البشري في المراقبة والإدارة، في وقت يعاني فيه القطاع من نقص مزمن في المراقبين المؤهلين حتى قبل الأزمة الحالية.
وفي ظل استمرار الخلاف السياسي بين الكونغرس والإدارة الأمريكية حول الموازنة، يتزايد القلق من أن تمتد آثار الأزمة إلى موسم السفر الشتوي، وهو أحد أكثر الفترات ازدحاماً في العام. ومن المتوقع أن تتضاعف التأخيرات في حال عدم صرف الرواتب أو استئناف برامج التدريب والتوظيف المتوقفة حالياً.
ويرى خبراء النقل أن الحل العاجل للأزمة يكمن في إعادة فتح المؤسسات الفيدرالية واستئناف صرف الأجور للموظفين، لتفادي انهيار منظومة الطيران المدني وتعطل مئات الآلاف من الرحلات في الأسابيع المقبلة. كما حذروا من أن استمرار الإغلاق قد يدفع بعض الموظفين المؤهلين إلى مغادرة الخدمة نهائياً، ما يعمق الفجوة في الكفاءات داخل مراكز المراقبة الجوية.
وفي الوقت ذاته، تواصل شركات الطيران الأمريكية التنسيق مع سلطات الطيران لإعادة جدولة الرحلات وتخفيف الضغط على المطارات الأكثر تضرراً، مع تقديم تسهيلات للمسافرين تشمل تعديل الحجوزات مجاناً أو استرداد قيمة التذاكر في حال إلغاء الرحلات.
هذا ويعكس الإغلاق الحكومي الأمريكي الحالي مدى الترابط بين السياسة والاقتصاد وحركة النقل الجوي، إذ أدت أزمة الرواتب إلى اضطراب واحد من أكثر القطاعات حساسية في البلاد، ومع دخول الأزمة أسبوعها الرابع، يترقب الملايين من المسافرين والعاملين في قطاع الطيران قراراً ينهي حالة الشلل التي تضرب سماء الولايات المتحدة وتُهدد بامتداد تداعياتها إلى العالم بأسره.
 
                        
 
        
     
     
     
    


 
                            
                            
                            
                            
                            
 
                    
 
                    
 
                    
 
                    
 
                    
 
     
 
     
 
     
 
    