تزايد حوادث الدرونات يهدد سلامة الأجواء الأوروبية
شهدت أوروبا خلال الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في حوادث الطائرات بدون طيار، ما يثير مخاوف كبيرة بشأن سلامة المجال الجوي المدني والعسكري على حد سواء، فقد سجلت مطارات كبرى في ألمانيا، مثل مطار برلين الدولي (BER) ومطار ميونيخ، حوادث متعددة نتيجة تحليق الدرونات غير المصرح بها بالقرب من مسارات الإقلاع والهبوط، ليأتي مطار بريمن مؤخرًا ليضاف إلى قائمة المطارات المتأثرة بهذا النشاط الخطير.
وفقًا للتقارير الرسمية، تم رصد طائرة درون تحلق بالقرب من مطار بريمن، مما دفع مراقبة الحركة الجوية بالتنسيق مع الشرطة الفيدرالية الألمانية إلى تعليق جميع عمليات الإقلاع والهبوط لفترة استمرت نحو ساعة، قبل استئناف الرحلات بشكل طبيعي. ويأتي هذا الإجراء في إطار البروتوكولات الأمنية المتبعة لحماية الركاب والطائرات من أي تهديد محتمل.
تؤكد هذه الحوادث أن الدرونات أصبحت أحد أبرز التحديات التي تواجه الطيران المدني في أوروبا، خصوصًا مع ارتفاع عدد مستخدمي هذه الطائرات بشكل غير منظم، وسهولة الحصول عليها بأسعار منخفضة وبدون تراخيص رسمية.
ليس الطيران المدني وحده هو المتأثر، فقد رصدت السلطات الأمنية طائرات درون مشبوهة فوق قاعدة كلاين بروغيل الجوية شمال بلجيكا على مدار ثلاثة أيام متتالية، ما أثار مخاوف متزايدة حول إمكانية استخدام هذه التقنيات في أعمال تجسسية أو تهديدات أمنية ضد المنشآت العسكرية.
تشير هذه الوقائع إلى أن الدرونات لم تعد مجرد أدوات ترفيهية أو للتصوير، بل أصبحت تشكل تهديدًا حقيقيًا على الأمن القومي، خصوصًا في المناطق المحظورة أو الحساسة أمنيًا.
تفرض هذه الحوادث جدية الحاجة إلى تطوير أنظمة الكشف المبكر عن الدرونات غير المصرح بها. فالتقنيات الحالية لم تعد كافية للتعامل مع العدد المتزايد من هذه الطائرات، خصوصًا مع تطور قدراتها لتصل إلى سرعات عالية ومسافات أبعد من السابق، مما يجعل الاعتماد على التدخل البشري وحده أمرًا غير كافٍ.
توصي الجهات المختصة بتعزيز أنظمة الرادار والمراقبة الأرضية، وربطها مباشرة بمراكز الطوارئ وإدارة الحركة الجوية، لضمان استجابة سريعة في حال اكتشاف أي نشاط مشبوه. كما يجب تكثيف حملات التوعية حول مخاطر الدرونات وضرورة الالتزام بالقوانين الأوروبية الخاصة بالطيران المدني.
تعمل المفوضية الأوروبية على وضع قواعد صارمة لتنظيم استخدام الدرونات، تشمل الحصول على تراخيص للطائرات الصغيرة، وتحديد المناطق المسموح بالتحليق فيها، وفرض عقوبات على المخالفين. وفي ألمانيا وبلجيكا، تم تعزيز التعاون بين الشرطة الفيدرالية ومراقبة الحركة الجوية لضمان تنفيذ هذه القواعد بشكل فعال، لا سيما في المناطق القريبة من المطارات والمنشآت العسكرية.
هذا التعاون المستمر بين الجهات الأمنية والطيران المدني يعتبر حجر الزاوية في حماية سلامة الركاب والطائرات، خاصة مع ازدياد حالات اختراق المجال الجوي المدني وغير المصرح به من قبل الطائرات بدون طيار.
تؤدي هذه الحوادث إلى تعطيل حركة الملاحة الجوية، وتأخير الرحلات، وزيادة الضغط على فرق الطوارئ في المطارات. وفي بعض الحالات، قد يضطر مطار كامل إلى إيقاف جميع الرحلات حتى إزالة الخطر، ما يؤدي إلى خسائر مادية كبيرة لشركات الطيران وإزعاج المسافرين.
كما تؤدي هذه الأحداث إلى زيادة القلق بين الركاب والمسافرين المنتظمين، الذين أصبحوا يدركون أن الطائرات بدون طيار يمكن أن تكون أداة تهديد حقيقية للسلامة الجوية.
تسعى شركات التكنولوجيا الأوروبية لتطوير أنظمة ذكية لرصد الدرونات بشكل آني، تشمل استخدام الذكاء الاصطناعي والكاميرات الحرارية وأنظمة الرادار المتقدمة، بهدف الكشف عن أي طائرة درون تحلق بطريقة غير قانونية قبل أن تشكل تهديدًا حقيقيًا.
هذه الحلول التقنية تعتمد على التكامل بين أجهزة الاستشعار الأرضية والمراقبة الجوية، وتسمح بتحديد موقع الدرون بدقة، والتواصل مباشرة مع قوات الأمن للتدخل السريع.