أزمة داخل "دلتا للطيران".. الطيارون يتهمون الشركة بالتجسس عبر تطبيقها الداخلي
تشهد شركة Delta Air Lines الأمريكية واحدة من أكبر أزماتها الداخلية في السنوات الأخيرة، بعد تفجر جدل واسع بين الطيارين وإدارة الشركة بشأن اتهامات تتعلق بانتهاك الخصوصية عبر تطبيقها الداخلي المعروف باسم “Delta Hub”، الذي يستخدمه الطيارون والموظفون في التواصل وإدارة الجداول التشغيلية.
بدأت الأزمة حين لاحظ عدد من الطيارين أن إدارة الشركة طلبت منهم حذف تطبيق TikTok من هواتفهم الشخصية لأسباب أمنية، ما أثار تساؤلات واسعة حول كيفية معرفة الشركة بوجود التطبيق على أجهزتهم الخاصة، رغم أنه لا يُفترض أن يكون لتطبيق العمل أي صلاحيات للوصول إلى بيانات شخصية خارج نطاقه.
وبحسب تقارير من داخل الشركة، فإن تطبيق "Delta Hub" يمتلك صلاحيات واسعة للوصول إلى قائمة التطبيقات المثبتة، وعناوين بروتوكولات الإنترنت (IP)، وحتى بيانات الموقع الجغرافي في بعض الحالات، وهو ما اعتبره الطيارون اختراقًا واضحًا لخصوصيتهم الشخصية وانتهاكًا للحدود بين الحياة العملية والخاصة.
من جانبها، نقابة الطيارين الأمريكية (ALPA)، التي تمثل الآلاف من العاملين في قطاع الطيران، قدّمت شكوى رسمية ضد إدارة "دلتا"، وطالبت بإجراء تحقيق شامل حول طبيعة البيانات التي يجمعها التطبيق ومدى التزام الشركة بمعايير الخصوصية الفيدرالية.
كما عقدت النقابة اجتماعًا طارئًا في أتلانتا مع مسؤولي الشركة لبحث القضية، حيث اعترفت "دلتا" خلال اللقاء بوجود جمع محدود للبيانات بهدف “تحسين الأداء الفني وضمان الأمان”، لكنها لم تكشف مسبقًا عن تفاصيل تلك العمليات في أي من وثائق الخصوصية الرسمية.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن الطيارين شعروا بـ"خيانة الثقة" بعد هذه التطورات، مؤكدين أن إدارة "دلتا" فشلت في الشفافية وأنها لم توضح أبدًا أن التطبيق يمتلك إمكانيات تتجاوز المهام التشغيلية الأساسية.
و تأتي هذه الأزمة بعد عام واحد فقط من حادثة انقطاع أنظمة دلتا التقنية في 2024 نتيجة انهيار خدمات CrowdStrike، ما أدى إلى تأخير آلاف الرحلات وإرباك جداول التشغيل عالميًا، كما ويرى بعض الخبراء أن الأزمة الجديدة تُظهر استمرار المشكلات التقنية والإدارية داخل الشركة، خاصة في إدارة البنية الرقمية وأمن المعلومات.
في المقابل، أصدرت "دلتا" بيانًا مقتضبًا نفت فيه وجود أي نية للتجسس على الطيارين، مؤكدة أن جميع البيانات تُستخدم لأغراض تشغيلية فقط، وأن الشركة بصدد مراجعة سياساتها الداخلية لتوضيح آليات جمع البيانات وتعزيز الشفافية.
لكن رغم هذه التطمينات، فإن الثقة بين الطيارين والإدارة تبدو مهتزة بشدة، وسط مطالبات بوقف استخدام التطبيق مؤقتًا لحين انتهاء التحقيقات وتعديل سياسات الخصوصية بما يتوافق مع معايير أمن المعلومات الأمريكية.
ويرى مراقبون أن هذه الأزمة قد تشكل نقطة تحول في العلاقة بين شركات الطيران وموظفيها في ما يخص استخدام التطبيقات الرقمية، خاصة مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا في إدارة العمليات التشغيلية. فبينما تسعى الشركات إلى تحسين الكفاءة، يخشى الطيارون من أن ذلك قد يأتي على حساب الخصوصية الشخصية والحرية الرقمية.