رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

إنشاء هيئة طيران مدني خليجية موحدة مقرها الإمارات

الخميس 04/ديسمبر/2025 - 03:26 م
الحياة اليوم
طباعة

في تحوّل يُعد من أهم التطورات في تاريخ قطاع الطيران الخليجي، أعلن قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية خلال القمة الـ46 في البحرين عن تأسيس هيئة طيران مدني خليجية موحدة، على أن تتخذ من دولة الإمارات العربية المتحدة مقراً لها

هذه الخطوة تمثل نقطة انطلاق نحو تكامل غير مسبوق في إدارة الطيران المدني، وتعكس رؤية استراتيجية رائدة تستلهم نموذج المجال الجوي الأوروبي الموحد الذي أعاد تشكيل حركة الطيران في القارة الأوروبية خلال العقدين الماضيين.

لطالما شكلت دول الخليج محوراً رئيسياً في حركة الطيران العالمية، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي وشركاتها الوطنية التي تُعد من بين الأقوى والأكثر تقدماً في العالم. 

ومع ذلك، كان غياب نظام موحد للعمليات والإجراءات من أبرز التحديات أمام خلق تكامل كامل بين الدول الست.

 ومن هنا جاءت فكرة إنشاء هيئة خليجية موحدة للطيران المدني لتكون المرجع الإقليمي الوحيد لتنظيم وتشغيل وإدارة هذا القطاع الحساس.

الهيئة الجديدة تؤسس لمرحلة من الانسجام التشغيلي بين أنظمة الطيران في السعودية والإمارات وقطر والبحرين والكويت وعُمان، وتفتح الباب أمام إطار تشريعي موحد يُسهم في رفع كفاءة العمليات الجوية وتعزيز تنافسية النقل الجوي الخليجي عالميًا.

وفق ما تم الإعلان عنه خلال القمة، ستتولى الهيئة الجديدة مجموعة واسعة من المهام والمشروعات التي ستعيد رسم مستقبل الطيران في المنطقة، أبرزها:

1. توحيد الإجراءات والمعايير التشغيلية

سيتم توحيد اللوائح الفنية، وتقارير السلامة، وإجراءات تشغيل الطائرات، وأنظمة الترخيص للطواقم، بما يضمن سهولة التشغيل بين الدول الخليجية دون اختلافات تنظيمية قد تُسبب تعقيدات أو تأخيرات.

2. رفع معايير السلامة الجوية

تطوير إطار إقليمي موحد للسلامة الجوية يتوافق مع أعلى معايير منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، مما يرفع من موثوقية الأجواء الخليجية ويعزز سمعتها عالمياً.

3. إنشاء مجال جوي علوي موحد

سيتم إنشاء مجال جوي موحد على غرار European Single Sky، بحيث تتم إدارة الحركة الجوية من مركز تنسيق واحد، مما يقلل الازدحام ويخفض زمن الرحلات ويحسن انسيابية حركة الملاحة الجوية.

4. تحسين تجربة السفر لأكثر من 68 مليون راكب سنوياً

يعتمد هذا العدد الضخم من المسافرين على شركات الطيران الخليجية، التي ستستفيد من تناغم الإجراءات وتوحيد الأنظمة لتقديم تجربة سفر أكثر سهولة وسرعة وجودة.

5. دعم 23 مطاراً دولياً و17 ناقلاً وطنياً

يضم الخليج اليوم واحدة من أقوى شبكات الطيران في العالم، بينها 6 شركات مصنفة ضمن أفضل 50 شركة طيران عالمياً، ما يجعل توحيد الجهود خطوة استراتيجية تعزز مكانة المنطقة كمركز عالمي للطيران.

في إطار العمل على التكامل التدريجي، يتم حالياً اختبار نظام "النقطة الواحدة للسفر" بين الإمارات والبحرين، وهو مشروع يُعد المرحلة الأولى نحو تجربة سفر خليجية متكاملة.

كما يسمح هذا النظام للمسافرين بالتنقل بين الدولتين باستخدام إجراءات موحدة، ما يوفر الوقت ويقلل الازدحام ويعزز سهولة الحركة داخل المنطقة.

ومن المتوقع أن يشمل النظام بقية دول مجلس التعاون تدريجياً، ليصبح السفر بين العواصم الخليجية أشبه بالسفر المحلي داخل دولة واحدة.

تطبيق المجال الجوي الموحد سيحدث نقلة نوعية في قطاع الطيران، وسيحقق مجموعة من الفوائد المباشرة:

1. تقليل زمن الرحلات بنسبة قد تصل إلى 15٪

بفضل التخطيط المركزي وتوزيع المسارات الجوية بشكل أكثر كفاءة.

2. خفض تكاليف التشغيل على شركات الطيران

ما سينعكس بشكل مباشر على:

  • أسعار التذاكر

  • توسيع الشبكات

  • تعزيز القدرة التنافسية عالميًا

3. خفض الانبعاثات الكربونية

من خلال تقليل وقت التحليق واستهلاك الوقود، بما يتماشى مع خطط دول الخليج لتحقيق صافي انبعاثات صفرية.

4. تحسين دقة مواعيد الرحلات وتقليل التأخير

وهو أحد أهم العوامل المؤثرة في رضا المسافرين وثقة شركات الطيران.

قطاع الطيران ليس مجرد وسيلة نقل، بل أحد أهم روافد اقتصاد دول الخليج. ومع تأسيس الهيئة الجديدة:

  • ستُفتح آفاق للاستثمار في خدمات إدارة الحركة الجوية

  • سيزداد التعاون بين شركات الطيران الوطنية

  • سترتفع القدرة الاستيعابية للمطارات

  • وستُخلق فرص عمل جديدة في مجالات التقنية والملاحة الجوية وإدارة السلامة

كما سيُعزز التكامل الاقتصادي والسياحي بين الدول الست، ويجعل الخليج مركزاً عالمياً أكثر تنافسية في الربط الجوي بين الشرق والغرب.

جميع المؤشرات تشير إلى أن دول الخليج تأخذ خطوات سريعة ومدروسة للوصول إلى هذا الهدف. ومع وجود إمكانيات تقنية متقدمة وشركات طيران رائدة ومطارات تُعتبر من الأفضل عالمياً، فإن مشروع المجال الجوي الموحد أصبح أقرب من أي وقت مضى.

عذا وإن إنشاء هيئة طيران مدني خليجية موحدة في الإمارات يمثل تحولاً تاريخياً يعزز مكانة الخليج في صناعة الطيران العالمية. فهو ليس مجرد مشروع تنظيمي، بل رؤية مستقبلية تعزز التكامل الاقتصادي، وتحسن تجربة السفر، وتزيد من كفاءة التشغيل، وتدعم طموحات المنطقة في أن تصبح مركزاً دولياً للطيران والابتكار.


                                           
ads
ads
ads