رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد همودى
ads

هالة الكردي تكتب| وها قد عادَ مُعتذرًا!

الثلاثاء 07/يونيو/2022 - 02:59 م
الحياة اليوم
هالة الكردي
طباعة
وها قد عادَ مُعتذراً!
كم كُنتُ أخشي من لحظةٍ أقع فيها في كمين المغفرة، كنتُ لا أغفرُ ولا أصفح ولا أضعُف ولا أقع أبدًا تحت تأثير الحنين، كنتُ أستقوي بعقلي، كنتُ أستحضر كل أحزاني مِراراً وذكرياتي المؤلمة، حتي أني كنتُ أنبشُ في جروحي لتستفيق، كي لا ألين أو أنسي وأظلُ دوما تلك الصخرةُ الجامدة التي لا يقوي عليها موجُ بحرٍ أو رياحٌ عاتية.
خشيتُ دومآ من لُعبةِ المواجهة نعم؛ مواجهتي بقلبي كانت وما زالت علي مر العصور حروبٍ دامية تنتهي دومًا بهزيمتي شرُّ الهزيمةٍ المُخزية.
فحرصت دومًا أن أُجنبهُ أحداث يومي بل وكل أحداث الحياة وزمامًِ أمري أسلّمته فقط لعقلي فهو دائماً جديرٌ بثقتي ولم يخذِلُني أبدًا بل ويبقيني دوماً آمنة.
اعتدتُ الرحيل دومًا بلا مجال لأي عودة، أهجُرُ كل من تسببَ لي بحزنٍ حتي وإن كان سهواً، فالسهوِ بين المحبين قُبحٍ وعداوة مُتعمَدة، لستُ أنا من يتسامح في حق قلبه فأنا يقيناً أحقُ بالحُبِ والإخلاص دوماً والمقابل حقًا لم يكُن مالاً بل كان قلبٌ يفيضُ حُباً صادقاً، قلبٌ لم يكِل أو يمِل يوماً من عطاءٍ خالصاً. 
واليوم وكأني شخصٌ أخر غريبُ عني، شخص بُعدهُ بُعد السماء مني! 
كيف أجدُني بلحظة أصبحتُ هشة هكذا، مع أول كلمة اعتذار! 
هل كنتُ انتظرُ تلكَ الكلمةِ حقاً ليشفي قلبي!
أم هو اشتياقي لمن تسبب في جروحي! 
أم كنت انتظر اعتذاراً لأغفر حتي أشفَي أنا قبل أن أُشفِي؟
سنواتٍ عدة مضت وكأن شيئاً لم يكُن! 
فكيف ذلك؟ وكيف ضاع كل مجهودي هباء هكذا؟
كيف صمدتُ وكيف صبرتُ وكيف تخطيتُ وواجهتُ كل ذلك الخذلانُ وحدي؟ 
فلَكَم وجهتُ وجهي لربِ السماءَ لِيرحمَ قلةَ حيلتي في كبحُ نفسي أن تنتقم مِن مَن أحببتهم! 
فلَكَم دعوتُ ياليتني ما قابلتهم فأنا أصونُ الذكريات وتَعِزُ في نفسي الأحاديثُ القديمة والضحكات، ولكم تسائلتُ قهراً وحُرقةٍ كيف يكون حبيبُ اليومُ هو نفسه عدوُ الغد وانتقم؟ ورغم أني كنت امتلِكُ الإرادة والحُجج والمقدرة لم استطع ووجدتُ أني قد تقيدتُ بقيدِ المحبةِ الواهية وحقا لم استطع، ورحلتُ فورًا قبل أن أفقدُ أداميتي وفضّلتُ أن أبقي هناك بمفردي.
فمتي جفت دموعُ عيني وتوقفت أهآت صدري وتغيرت مرارة فمي من امتناعي عن الطعام وكُلِ أسباب الحياة ومتي توقف نبض قلبي تجاههم؟ كيف أنسي كل ذلك بتلك السهولة؟ 
كيف ذابَ جليدُ قلبي بلحظةٍ سمعتُ فيها بأُذُنِه لا أُذُن عقلي اعتذاراً بسيطاً قد يكون صادقاً إذ دخل مقتحماً لكلِ ثغراتي وكل ما بقي بداخلي من مشاعر إنسانية وهمت نفسي مراراً أني قد شُفيت منها.
وها أنا أُسامِحُ وأغفرُ من جديد وكأن يوماً لم يكُن جُرحي عنيد.
                                           
ads
ads
ads