رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

كيف يُدار مطار القاهرة أكثر الأماكن ازدحامًا في مصر بسلاسة على مدار الساعة؟

السبت 09/أغسطس/2025 - 01:22 ص
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

في قلب العاصمة المصرية، ينبض مطار القاهرة الدولي بالحياة على مدار 24 ساعة، بلا توقف. هو ليس مجرد نقطة انطلاق أو وصول، بل مدينة متكاملة تعمل بدقة متناهية، حيث يمرّ آلاف الركاب يوميًا، وسط تنسيق معقّد بين مئات العاملين في صمت، لضمان تجربة سفر آمنة ومنظمة.

لكن السؤال الذي لا يطرحه الكثيرون هو: كيف يُدار هذا المكان الضخم بسلاسة دون أن يشعر المسافر بأي خلل؟ ومن يقف خلف هذا النجاح التنظيمي؟

يُعد مطار القاهرة الدولي من أكبر مطارات الشرق الأوسط وأفريقيا، ويخدم أكثر من 15 مليون مسافر سنويًا، بحسب إحصاءات وزارة الطيران المدني.
يتضمن المطار ثلاث مبانٍ رئيسية للركاب (1 و2 و3)، إضافة إلى مبنى الرحلات الموسمية، وأكثر من 50 بوابة صعود للطائرات، وما يفوق 100 شركة طيران تعمل ضمن جدوله اليومي.

في كل لحظة، هناك طائرة تهبط، وأخرى تستعد للإقلاع، وفرق كاملة تتحرك خلف الكواليس لتنسيق العمليات الجوية والأرضية، بدءًا من برج المراقبة وحتى صالات الركاب.

في مركز العمليات داخل المطار، توجد غرفة تحكُّم تعمل على مدار الساعة، تشرف على جميع جوانب التشغيل: أوقات الرحلات، الأحوال الجوية، التنقلات الأرضية، التكدس، التغييرات الطارئة، وحتى الأعطال التقنية.

يقول أحد مسؤولي التشغيل – فضّل عدم ذكر اسمه –:

"نحن نُشرف على كل حركة داخل المطار، ونُنسق مع المراقبة الجوية، والأمن، وشركات الطيران، والخدمات الأرضية. العمل أشبه بقيادة غرفة عمليات طوارئ… لكن كل يوم."

أحد أكثر المواقع حساسية في مطار القاهرة هو برج المراقبة الجوية، الذي يُنسّق إقلاع وهبوط الطائرات بدقة شديدة، ويتابع الحركة الجوية في نطاق عشرات الكيلومترات.

يقول  مراقب جوي أعمل منذ 12 عامًا:

"لدينا ثوانٍ معدودة لاتخاذ القرار. كل طائرة تحمل مئات الأرواح، وأي خطأ بسيط قد يؤدي إلى كارثة. نعمل وفق بروتوكولات صارمة وتدريب دائم."

برج المراقبة هو حلقة الوصل بين الطائرات القادمة والمغادرة وبين المدرجات، وهو مسؤول عن السلامة الجوية داخل المجال الجوي المحيط بالمطار.

يخضع مطار القاهرة لمستوى أمني عالٍ، حيث تنتشر وحدات أمنية مدربة، وكاميرات مراقبة ذكية، وأنظمة فحص إلكترونية حديثة.
داخل كل صالة، هناك فرق أمن نسائية ورجالية تقوم بتفتيش الحقائب، ومتابعة سلوك الركاب، والكشف عن أي مواد محظورة.

تقول، إحدى موظفات الأمن في المبنى رقم 2:

"نعمل 12 ساعة في اليوم. نتعامل مع آلاف الركاب، ونتعلم كيف نميز بين المسافر الطبيعي ومن قد يكون مصدر تهديد. الأمر ليس فقط تفتيشًا آليًا، بل يعتمد على مهارات إنسانية عالية."

عندما تصل طائرة إلى البوابة، يبدأ سباق الزمن.
فريق الخدمات الأرضية يتسلم المهمة: تفريغ الأمتعة، تنظيف المقصورة، إعادة التزويد بالطعام والوقود، والتأكد من جاهزية الطائرة للإقلاع خلال أقل من 60 دقيقة.

يقول عامل خدمات أرضية منذ 6 سنوات:

"أحيانًا لا نشعر بالزمن… نعمل تحت ضغط، في حر الصيف أو برد الشتاء، دون أن نسمع كلمة شكر. لكننا نعلم أن كل رحلة ناجحة تبدأ من هنا."

تُحافظ فرق التنظيف على نظافة المرافق والحمامات وصالات الانتظار طوال اليوم. بينما تعمل فرق الصيانة التقنية على فحص المصاعد، وسيور الأمتعة، وأنظمة التكييف، واللوحات الرقمية.

رغم أنهم غير مرئيين غالبًا، إلا أن توقفهم عن العمل لساعات قليلة فقط قد يتسبب في فوضى كبيرة داخل المطار.

ما يميّز مطار القاهرة هو التنسيق المستمر بين جميع الإدارات: الأمن، المراقبة الجوية، الجوازات، الجمارك، الخدمات الأرضية، شركات الطيران، الصيانة، والنظافة.

كل قسم يعمل ضمن منظومة متكاملة، مدعومة بتقنيات رقمية، وتدريب دوري، وخطط طوارئ دقيقة لأي ظرف خارج عن السيطرة، من الأحوال الجوية إلى الطوارئ الصحية.

وراء هذه المنظومة، هناك آلاف العاملين ممن لا يعرفهم الركاب، لكنهم يضمنون أن تسير رحلاتهم بسلاسة.

من المراقب الجوي، إلى عامل الشحن، إلى ضابط الجوازات، إلى سائقي الحافلات، فهم الجنود المجهولون الذين يجعلون من مطار القاهرة بيئة آمنة ومنظمة وفعالة، رغم حجم الضغط والتحديات اليومية.

يُدار مطار القاهرة الدولي ليس فقط بالكفاءات، بل بالانضباط، والتنسيق، والتفاني في العمل.
وعلى الرغم من أن بعض المشاكل تظهر من حين إلى آخر، فإن ما لا يراه المسافرون أهم بكثير مما يظهر لهم، حيث أنه عالم خلف الكواليس، مليء بالحركة، والدقة، والتفاصيل، وكل ذلك فقط، ليصل كل مسافر إلى وجهته في الموعد.


                                           
ads
ads
ads