رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

سابقة تاريخية: تعليق جميع الرحلات في مطار هونغ كونغ بسبب إعصار راجاسا

الأربعاء 24/سبتمبر/2025 - 07:35 ص
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة

في خطوة استثنائية وغير مسبوقة في تاريخ الطيران الآسيوي، أعلن مطار هونغ كونغ الدولي تعليق جميع رحلات الركاب لمدة 36 ساعة كاملة، وذلك تحسبًا لاجتياح إعصار سوبر تايفون راجاسا الذي يقترب من السواحل بقوة هائلة تهدد حياة السكان وتضرب البنية التحتية. 

وهذا القرار، الذي يبدأ من مساء الثلاثاء وحتى صباح الخميس، يُعد الأطول من نوعه منذ إنشاء المطار الحديث، متجاوزًا فترات الإغلاق السابقة التي شهدتها المدينة بفعل أعاصير مثل ساولا وويفا.

أفاد بيان إدارة مطار هونغ كونغ أن جميع رحلات الركاب تم تعليقها بشكل كامل لتأمين سلامة المسافرين والطاقم الجوي، مع استثناء بعض الرحلات الطارئة أو الإنسانية عند الحاجة. القرار تسبب في اضطراب هائل لجداول السفر، حيث ألغت شركات الطيران عشرات الرحلات وأعادت جدولة مئات أخرى.
كما دعت شركات الطيران المسافرين إلى التحقق من حالة رحلاتهم عبر المواقع الرسمية قبل التوجه إلى المطار، تجنبًا للازدحام أو المخاطر المحتملة.

يصنف إعصار راجاسا ضمن قائمة الأعاصير الأكثر تدميرًا التي تضرب منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال العقد الأخير. فقد تسبب بالفعل في خسائر بشرية ومادية جسيمة في الفلبين وتايوان، حيث تم إجلاء آلاف السكان وإغلاق المدارس والجامعات وإيقاف الحركة التجارية.

وبحسب مراكز الأرصاد الجوية، تصل سرعة الرياح المصاحبة للإعصار إلى أكثر من 250 كيلومترًا في الساعة، مما يجعله ضمن فئة الأعاصير "السوبر" التي تمتاز بتأثيرها المدمر على البنية التحتية وشبكات الكهرباء والاتصالات.

مع اقتراب العاصفة، كثفت السلطات في هونغ كونغ استعداداتها عبر حزمة من الإجراءات الاحترازية، شملت:

  • تجهيز مراكز إيواء طارئة قادرة على استقبال آلاف السكان.
  • نشر فرق إنقاذ وإسعاف مدربة على التعامل مع الكوارث الطبيعية.
  • إصدار تحذيرات عاجلة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي للتأكيد على البقاء في المنازل وتجنب المناطق الساحلية.
    وأكدت الحكومة المحلية أن سلامة المواطنين والمقيمين تأتي على رأس الأولويات، داعية الجميع إلى الالتزام الصارم بتعليمات الأمان.

يُعد مطار هونغ كونغ الدولي من أكثر المطارات ازدحامًا في العالم، حيث يشكل محورًا رئيسيًا لرحلات الترانزيت بين آسيا وأوروبا وأمريكا. وبالتالي فإن تعليق الرحلات لمدة 36 ساعة يُمثل ضربة قوية لقطاع السياحة الذي يعتمد بشكل كبير على تدفق الزوار.


كما يُتوقع أن تتكبد شركات الطيران والمطار نفسه خسائر مالية بملايين الدولارات نتيجة الإلغاء والتأجيل، فضلًا عن تأثير ذلك على سلاسل الإمداد العالمية التي تمر عبر هونغ كونغ كمركز تجاري رئيسي.

لم يقتصر أثر إعصار راجاسا على هونغ كونغ فقط، بل تسبب أيضًا في اضطرابات واسعة بحركة الطيران الدولية. إذ اضطرت العديد من شركات الطيران العالمية إلى إعادة جدولة رحلاتها أو تحويل مساراتها إلى مطارات بديلة.


هذا الأمر أضاف ضغوطًا إضافية على قطاع الشحن الجوي، خصوصًا وأن هونغ كونغ تعتبر من أكبر مراكز الشحن في العالم، ما قد يؤدي إلى تأخير تسليم البضائع وزيادة تكاليف النقل والشحن.

يرى خبراء الاقتصاد أن الخسائر الناجمة عن إغلاق مطار بهذا الحجم لن تقتصر على الشركات المحلية فقط، بل ستمتد لتشمل الاقتصاد العالمي. فهونغ كونغ تُعتبر بوابة تجارية مهمة بين الشرق والغرب، وأي تعطيل في أنشطتها ينعكس على سلاسل التوريد العالمية.


كما ستتأثر الأسواق المالية الإقليمية بزيادة حالة عدم اليقين، في وقت يشهد فيه الاقتصاد العالمي ضغوطًا بسبب التغيرات المناخية والتوترات الجيوسياسية.

يشكل إعصار راجاسا جرس إنذار جديد لصناعة الطيران العالمية حول التحديات المتزايدة التي تفرضها التغيرات المناخية، فقد أصبح من الواضح أن الأعاصير والعواصف القوية تتزايد في العدد والشدة، مما يفرض على المطارات وشركات الطيران تبني استراتيجيات أكثر صرامة في مجال السلامة وإدارة الأزمات.
ومن أبرز الإجراءات التي يجب العمل عليها مستقبلًا:

  • تطوير أنظمة التنبؤ بالطقس لتوقع الكوارث بدقة أكبر.
  • تعزيز خطط الطوارئ للتعامل مع الظواهر الجوية القاسية.
  • الاستثمار في التقنيات الحديثة لضمان استمرار تشغيل المطارات وتقليل الخسائر.

إن تعليق الرحلات في مطار هونغ كونغ الدولي لمدة 36 ساعة يُعتبر سابقة تاريخية تكشف مدى خطورة التغيرات المناخية على الملاحة الجوية والاقتصاد العالمي.


ومن المتوقع أن يُشكل هذا الحدث نقطة تحول في كيفية تعامل سلطات الطيران المدني مع الكوارث الطبيعية، حيث يدفع باتجاه تبني خطط أكثر صرامة واستثمارات أكبر في الأمن والسلامة الجوية.
وبينما يترقب العالم تداعيات إعصار راجاسا على المنطقة.

كما بقى الدرس الأهم هو أن الاستعداد المسبق والالتزام بإجراءات السلامة يظل السبيل الوحيد لمواجهة التحديات المناخية المقبلة وضمان استمرارية حركة السفر العالمية.

                                           
ads
ads
ads