رئيس التحرير
محمود عبد الحليم
رئيس التحرير التنفيذي
فريد علي
ads

دراسة كندية: هل الطيارات النساء أكثر كفاءة من الرجال تحت الضغط؟

الأربعاء 24/سبتمبر/2025 - 10:49 م
الحياة اليوم
محمود السعدي
طباعة


أثارت دراسة علمية جديدة من جامعة واترلو الكندية جدلًا واسعًا في أوساط الطيران المدني والعسكري، بعدما خلصت نتائجها إلى أن الطيارين النساء قد يتفوّقن على زملائهن الرجال عند مواجهة مواقف طيران حرجة ومعقّدة، خاصة تلك التي تتطلب قرارات سريعة تحت ضغط عالٍ.

تفاصيل الدراسة المثيرة للجدل

أجرى فريق الباحثين في جامعة واترلو سلسلة من تجارب المحاكاة الجوية شملت 20 طيارًا (10 رجال و10 نساء) في بيئة محاكاة متطورة تشبه الواقع. 

ووضعت التجارب المشاركين أمام سيناريوهات طارئة، مثل تعطل المحركات، الهبوط في ظروف جوية صعبة، أو التعامل مع أعطال مفاجئة في أنظمة الطائرة.

وبحسب النتائج التي نُشرت في مجلة متخصصة بعلم الطيران، أظهرت النساء أداءً أفضل في ضبط النفس والتعامل مع المواقف، حيث اتخذن قرارات أكثر هدوءًا ودقة، وارتكبن أخطاء أقل مقارنة بزملائهن الرجال، حتى في الحالات التي كانت فيها خبرتهن العملية أقل.

لماذا النساء يتفوقن في المواقف الحرجة؟

فسّر الباحثون النتائج بالإشارة إلى دور قشرة الدماغ الأمامية، وهي المنطقة المسؤولة عن اتخاذ القرار والتفكير المنطقي تحت الضغط. وأظهرت التحليلات أن النساء لديهن نشاط أفضل في هذه المنطقة خلال المواقف الحرجة، ما يساعدهن على التحكم في التوتر، بينما يميل الرجال إلى ردود أفعال أكثر اندفاعًا قد تؤدي إلى أخطاء تشغيلية.

وأضاف التقرير أن هذه الفوارق البيولوجية لا تعني أن النساء دائمًا أفضل، لكنها تكشف عن ميزة نسبية قد تعزز من قدرتهن على العمل بكفاءة في بيئات مليئة بالتوتر، مثل قمرة القيادة أو غرف التحكم.

عينة صغيرة.. لكن دلالات كبيرة

رغم أن حجم العينة كان محدودًا (20 طيارًا فقط)، إلا أن الدراسة تفتح الباب أمام نقاش عالمي حول أهمية التنوع بين الجنسين في مجال الطيران. 

وأكد الباحثون أن الخطوة المقبلة ستكون توسيع نطاق التجارب لتشمل مئات الطيارين من خلفيات متنوعة، بهدف الوصول إلى نتائج أكثر دقة.

انعكاسات على صناعة الطيران

تشير هذه النتائج إلى أن تعزيز حضور النساء في قطاع الطيران لا يقتصر على تحقيق المساواة بين الجنسين فقط، بل قد يسهم أيضًا في رفع معايير السلامة الجوية عالميًا، فالتوازن بين مهارات الرجال والنساء في قمرة القيادة يمكن أن يخلق بيئة عمل أكثر استقرارًا، خصوصًا عند التعرض لمواقف طارئة تحتاج إلى قرارات جماعية سريعة.

ويرى خبراء الطيران أن الدراسة قد تدفع شركات الطيران العالمية إلى إعادة النظر في برامج التدريب، بحيث تركز بشكل أكبر على مهارات ضبط التوتر واتخاذ القرار، وليس فقط على الخبرة التقنية أو عدد ساعات الطيران.

واقع المرأة في عالم الطيران

على الرغم من أن نسبة النساء في مجال الطيران التجاري ما زالت محدودة عالميًا (أقل من 7% من إجمالي الطيارين وفق إحصاءات اتحاد النقل الجوي الدولي "IATA")، فإن الاهتمام المتزايد بمثل هذه الدراسات قد يشجع على زيادة فرص النساء في هذا القطاع.

وتعد بعض شركات الطيران، مثل خطوط دلتا والخطوط القطرية، من بين الشركات التي بدأت بالفعل برامج خاصة لتشجيع الفتيات على دخول عالم الطيران، في محاولة لزيادة التنوع وتعزيز صورة الشركات عالميًا.

أصوات مؤيدة وأخرى معارضة

أثارت الدراسة ردود فعل متباينة. فبينما رحّب كثيرون بالنتائج التي تسلط الضوء على إمكانات النساء في الطيران، رأى آخرون أن العينة صغيرة جدًا ولا تكفي لاستخلاص استنتاجات عامة.

وقال بعض الطيارين المخضرمين إن الأداء تحت الضغط لا يرتبط دائمًا بالجنس، بل يعتمد على التدريب والخبرة الفردية. لكنهم في الوقت ذاته أقرّوا بأن وجود دراسات من هذا النوع يدفع الصناعة إلى مراجعة أساليبها في التدريب والتوظيف.

مستقبل البحث العلمي في الطيران

تُظهر هذه الدراسة أهمية دمج العلوم العصبية والنفسية مع علوم الطيران لتطوير برامج تدريب أكثر فعالية، فلقد يساعد فهم كيفية استجابة الدماغ للضغط على تصميم تدريبات تحاكي الواقع بشكل أدق، وبالتالي تقليل الأخطاء البشرية التي تُعتبر من أبرز أسباب حوادث الطيران عالميًا.

كما أن نتائج الأبحاث قد تفتح المجال أمام تطبيقات في مجالات أخرى تتطلب قرارات سريعة تحت الضغط، مثل الملاحة البحرية أو حتى غرف الطوارئ الطبية.


                                           
ads
ads
ads