شركات الطيران الأمريكية تواجه تباطؤًا في الحجوزات وسط استمرار الإغلاق الحكومي

تشهد شركات الطيران في الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في معدلات حجوزات المسافرين، وذلك بالتزامن مع استمرار الإغلاق الحكومي الذي دخل يومه السادس والثلاثين، وفقًا لتصريحات حديثة أدلى بها كريس سونونو، رئيس منظمة "إيرلاينز فور أمريكا"، وهي المنظمة التي تمثل أكبر شركات الطيران الأمريكية ومن بينها "أمريكان إيرلاينز" و"يونايتد إيرلاينز" و"ساوث ويست" و"دلتا" و"جيت بلو".

هذا التراجع لم يأتِ بصورة مفاجئة، حيث بدأت الشركات، بحسب سونونو، في ملاحظة انخفاض تدريجي في الحجوزات قبل أكثر من أسبوع، إلا أن وتيرة الانخفاض تزداد يومًا بعد يوم مع استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي المرتبطة بالإغلاق الحكومي. 

وعلى الرغم من ذلك، تؤكد شركات الطيران أنها لم تشهد حتى الآن زيادة في معدلات إلغاء الحجوزات القائمة، وهو ما يشير إلى أن المسافرين لا يزالون يأملون في حل قريب للأزمة قبل موعد رحلاتهم.

تأثير الإغلاق الحكومي على حركة السفر الجوي

الإغلاق الحكومي المستمر يعد من أكثر العوامل ضغطًا على قطاع السفر، حيث يؤثر بشكل مباشر على الثقة العامة والاستقرار الاقتصادي. ويؤدي الإغلاق عادة إلى تعطيل العديد من الوكالات الفيدرالية التي تلعب دورًا محوريًا في تنظيم قطاع الطيران، بما في ذلك إدارة أمن النقل (TSA) وإدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA).

تأتي هذه التطورات في وقت يسعى فيه القطاع للتعافي الكامل من آثار جائحة "كوفيد-19"، التي قلصت حركة السفر الجوي عالميًا لمدد طويلة، وعلى الرغم من الارتفاع القوي في الطلب خلال العامين الماضيين، إلا أن الشركات ما زالت تواجه تحديات متعددة، من بينها ارتفاع أسعار الوقود، نقص العمالة الماهرة، وتغير سياسات السفر الدولية، إلى جانب الأوضاع الاقتصادية المتقلبة.

شركات الطيران تحاول طمأنة العملاء

أكد سونونو أن شركات الطيران تعمل على تشجيع المسافرين على الحفاظ على خطط سفرهم وعدم إلغاء الرحلات في الوقت الحالي، مشيرًا إلى أن الشركات تدرك أن التراجع في الحجوزات مرتبط بالظروف العامة وليس بمستوى الثقة في الخدمات.

وأضاف: "نحن نحاول طمأنة المسافرين بأن عمليات التشغيل لا تزال مستقرة وأن المطارات تعمل بصورة اعتيادية رغم الإغلاق الحكومي". كما لفت إلى أن شركات الطيران تواصل العمل مع الجهات الحكومية لضمان الحد من تأثير أي اضطرابات في الأمن أو مراقبة الحركة الجوية.

تأثير الإغلاق الحكومي على الاقتصاد الأمريكي وقطاع الطيران

يُعد قطاع الطيران من أهم القطاعات الاقتصادية في الولايات المتحدة، حيث يساهم بمئات المليارات من الدولارات سنويًا ويوفر ملايين الوظائف. ومع استمرار الإغلاق الحكومي، يتعرض النشاط الاقتصادي المرتبط بالسفر، السياحة، والمؤتمرات التجارية إلى تباطؤ ملحوظ.

ويرى محللون أن استمرار الإغلاق لفترات أطول قد يؤدي إلى تأثيرات أشد، من بينها:

• انخفاض الإيرادات التشغيلية لشركات الطيران
• تراجع الطلب على الرحلات الداخلية والدولية
• إمكانية حدوث تأخير أو اضطرابات في الرحلات بسبب نقص الموظفين في الهيئات الحكومية المنظمة
• زيادة الضغوط المالية على الشركات متوسطة وصغيرة الحجم

كما أن الحالة النفسية للمستهلكين تلعب دورًا أساسيًا في قرارات السفر، حيث يفضل العديد من المسافرين الانتظار حتى استقرار الوضع السياسي.

أسواق الأسهم تتفاعل مع التطورات

شهدت أسهم أبرز شركات الطيران انخفاضات متفاوتة خلال تعاملات الأسبوع الأخير، حيث تراجعت أسهم "يونايتد إيرلاينز" و"دلتا إيرلاينز" و"أمريكان إيرلاينز" بنسب تراوحت بين 5% و7% تقريبًا، مما يعكس قلق المستثمرين من تأثير الإغلاق المستمر على الطلب والإيرادات.

وفي المقابل، يرى محللون في الأسواق المالية أن الانخفاض قد يشكل فرصة استثمارية في حال تم التوصل إلى اتفاق حكومي قريب، خاصة أن القطاع يمتلك أساسات تشغيلية قوية وطلبًا كامناً من المسافرين سيعود للارتفاع بمجرد استقرار الأوضاع.

نظرة مستقبلية

تشير توقعات الأسواق إلى أن تأثير الإغلاق قد يظل محدودًا على المدى القصير إذا تمكنت الحكومة من إعادة فتح المؤسسات الفيدرالية خلال الأسابيع المقبلة. أما في حال امتد الإغلاق لفترة أطول، فمن المتوقع أن تتأثر خطوط الطيران بشكل أكبر، مما قد يدفع الشركات إلى تقديم حوافز وعروض إضافية للحفاظ على معدلات الطلب.

وبشكل عام، لا يزال قطاع الطيران يُظهر قدرة على التكيف مع الظروف الاقتصادية والسياسية، وقد أثبت مرونة ملحوظة خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن استمرار الأزمات يضعه أمام اختبار جديد يتطلب إجراءات فعالة وسريعة.